ونرجع إلى ذكر شعيب وذلك انه لما انتهى اليه الرسولان بما قد تقدم ذكره من وقوع الخلاف بالمغرب توجه إلى تاهرت في نفر من اصحابه ، دون مشاورة من بمصر من المشائخ أهل الدعوة ، بل قد نهاه عن ذلك من فطن به منهم فسار طمعا في الامارة ، فلما وصل هو واصحابه دخل على الامام ولم يكن له بد من الدخول عليه ، فسأله الامام رحمه الله عن الامامة والشرط فأجابه بان الامامة صحيحة والشرط باطل ، وسأله ايضا هل تجوز تولية رجل وفي جماعة المسلمين من هو اعلم منه ؟ فاجاب بجواز ذلك . ثم ان شعيبا خرج فتوجه نحو ابن فندين ، واصحابه فأطعموه في الامارة ، فندم على فتياه للامام رحمه الله فوازر(3 ) ابن فندين واصحابه على الامام ، وصار لهم عونا على الخلاف ، فخرج من بالمدينة من اكابر اصحاب ابن فندين إلى المنازل المتدانية من تاهرت ، وجعلوا يستفسدون قلوب أهلهاويجتمعون فيها بحل ما انعقد من الامامة ويتناجون بالاثم والعدوان ، وذلك سموا ( النجوية ) ثم بعد ذلك ولما ادخلوا بذلك شغبا في الاسلام سموا ( الشغبية ) ، ثم الحدوا في اسماء الله تعالى فسموا ( الملحدة ) . وسموا النكاث لنكثهم البيعة بغير حدث ، وبلغنا انهم كانوا يدخلون المدينة بالجماعات ، فتكلم جماعة من المسلمين بذلك ، واشاروا على الامام بان ينهاهم عن ذلك ، فنهاهم الامام فلم ينتهوا ، وعاب عليهم خروجهم من المدينة إلى المنازل فقالوا : هذه مدينتنا وتلك منالنا ، فان رأى الامام في ذلك منكرا تركناه . قال فاعرض عنهم الامام ثم صاروا بعد ذلك يدخلون المدينة بالسلاح ، فاشار أيضا جماعة من المسلمين على الامام بان ينهاهم عن ذلك . فقالوا : ان رأى الامام في امساك السلاح منكرا تركناه قال : فاعرض عنهم الامام ، وامر اهل المدينة بامساك السلاح مخافة منهم من غدر يحدث منهم .
صفحه ۵۴