تأثر الثقافة العربية بالثقافة اليونانية
تأثر الثقافة العربية بالثقافة اليونانية
ژانرها
وكان معه في بيت الحكمة ابنه إسحاق وابن أخته حبيش الأعسم الدمشقي، وترجم حنين إلى العربية مقالات إقليدس
Euclid
وبضعة مؤلفات عن جالينوس وأبقراط وأرخميديس، وأبولونيوس الفرغوسي، وهو أكبر الذين اشتغلوا في الهندسة في العالم الإغريقي بعد إقليدس وأرخميديس، ولد في الغالب سنة 250ق.م ومات في حكم بطلميوس فيلوباطر «محب أبيه»، فكأنه عاش بعد أرخميديس بأربعين عاما على التقريب، وكتب في أشياء كثيرة غير أن ما كتبه فقد بتمامه، ولم يبق إلا ما ترجم العرب عنه.
كذلك ترجم أبو زيد عن غير هؤلاء كما ترجم الجمهورية وطيمادس لأفلاطون وقاطيغورياس وفوسيقا والماغناموراليا؛ أي الأخلاق الكبير لأرسطوطاليس، وتعليقات طمستبوس على المقالة الثلاثين من الميتافزيقا، وترجم الإنجيل كاملا إلى العربية، ولم يقتصر على هذا بل ترجم أيضا كتاب أرسطوطاليس في المعادن، وهو كتاب ظل زمنا طويلا العمدة في دراسة الكيمياء، وعن أصله اليوناني أخذ بولس الأجانيطي.
أما ابنه إسحاق فقد نقل في الطب، وترجم إلى العربية مؤلفات أخرى؛ منها السفسطائي لأفلاطون، والميتافيزيقا والروح والكون والفساد وأرمانوطيقا أو «باري أرميناس» أي العبارة لأرسطوطاليس، وهذه المؤلفات ترجمها أبوه حنين إلى السريانية، ثم تعليقات فرفوريوس الصوري والإسكندر الإفروديسي وأمونيوس.
وعقب على هؤلاء قسطا بن لوقا البعلبكي، وقد درس في بلاد اليونان وترجم كثيرا، ومن أشهر ما كتب كتاب «الفلاحة اليونانية» نقلا عن السريانية، وقد طبع بمصر سنة 1293ه، وتوفي ابن لوقا سنة 311ه/923م.
وكان القرن الرابع الهجري العصر الذهبي في تاريخ الترجمة والنقل عند العرب، أما ذلك العمل العظيم الذي تم في ذلك العهد، فإنه كان في الواقع راجعا إلى فئة من المسيحيين الذين كانوا يجيدون السريانية، واحتذوا الأمثال التي درسوها في لغتهم؛ فإن عددا عظيما من الترجمات قد نقلت حينذاك عن اليونانية مباشرة، وقد نقلها مترجمون درسوا هذه اللغة في الإسكندرية أو في إغريقية، وغالب ما كان المترجم منهم قادرا على أن ينقل عن اليونانية إلى العربية والسريانية معا، وكان هناك مترجمون عن السريانية، غير أنهم كانوا يعتبرون في الرتبة الثانية بعد المترجمين عن اليونانية.
من مترجمي النساطرة الذين نقلوا عن السريانية «أبو بشر متى بن يونس» المتوفى سنة 328ه/939م وقد ترجم أنوليطيقا الثانية والبويطيقا لأرسطوطاليس وتعليقات الإسكندر الأفروديسي على كتاب الكون والفساد لأرسطو، وتعليقات طمستيوس على الكتاب الثلاثين في الميتافزيقا، وله مؤلفات مبتكرة في التعليق على قاطيغورياس أي المقولات لأرسطو وإيساغوجي لفرفوريوس.
ومن الثابت أن مترجمي اليعقوبيين يأتون بعد النساطرة، وكان من الذين نقلوا منهم عن السريانية إلى العربية «يحيى بن عدي» المتوفى سنة 364ه/974م، وكان تلميذا لحنين بن إسحاق، وقد راجع كثيرا من الترجمات التي تقدم عليه بها المترجمون، وأصلح نقصها وأضاف إليها ما استقامت به معانيها، وترجم عن أرسطوطاليس كتاب قاطيغورياس والسوفسطيقا والبوليطيقا والميتافيزيقا، وعن أفلاطون القوانين وطيماوس، وعن الإسكندر الأفروديسي تعليقاته على قاطيغورياس «المقولات» وعن تئوفراسطؤس كتاب الأخلاق، وكذلك ترجم «أبو علي عيسى بن زاره» عن أرسطوطاليس كتاب قاطيغورياس والتاريخ الطبيعي والحيوانات مع تعليقات يوحنا فيلوبونس. •••
هذه صورة مصغرة لما كان بين العرب واليونان من العلاقات الثقافية، إذا كان الباحث يتوسع فيها ملأت مجلدات، ولعل لنا فرصة أخرى بالعودة إلى هذا البحث لنوفيه حقه من البيان.
صفحه نامشخص