* من سنن الحياة: رب زارع لحاصد فى هذه الحياة!. وعندما يمعن المرء النظر فى أحداث التاريخ يروعه مقدار ما يترك السابقون لللاحقين، وما يجنى الأخلاف من أعمال الأسلاف، يستوى فى ذلك الخير والشر والماديات والمعنويات، ويبدو أن الإنسان يولد وهو يحمل أثقالا من تبعات آبائه، كما يولد ليقتطف الكثير من ثمرات جهودهم ونتائج أعمالهم. هناك رجال يستشهدون فى الدعوة إلى الله ومحاربة الفتنة، ويحوطون غرس الإيمان فى هذه الدنيا بسياج من عظامهم ودمائهم. وهناك أحفاد يوجدون ليرثوا الإيمان سهلا لا ينغصه اضطهاد ولا يطارده إلحاد!. وهناك أبطال جاهدوا الظلم طوال حياتهم، وخطوا بأنفسهم مصارع الجبارين، وحفروا بأيديهم قبور المتكبرين، ولم يدع لهم هذا الجهاد المتواصل فرصة يستريحون فيها ساعة فى نهار. وهناك لهؤلاء أولاد ورثوا الوطن محررا، والعدل مقررا، والدنيا مقبلة لا مدبرة، والمستقبل باسما لا غائما!. وكم من طغاة أذلوا الشعوب وداسوا حقوقها. فلما استيقظت الشعوب لتؤدبهم.. لم تجدهم لأنهم بادوا ووجدت مكانهم أبناءهم.. فقتلتهم بمظالم الآباء ومظالمهم المنتظرة ! تلك طبيعة الحياة فرضت على الناس فرضا. وليت كل من زرع بنفسه حصد بنفسه، ولكن سنة الوجود على غير ما نهوى، والتركات التى يزجيها الأولون للآخرين تبقى فى أعناق من يطوقونها ما داموا راضين بها مقيمين عليها، ألم تر أن القرآن عئر اليهود المعاصرين للنبى صلى الله عليه وسلم بما اقترف أجدادهم المعاصرون لموسى؟. فمن استطاع الفكاك من مخلفات السابقين الآثمة فلا يتكاسل عن النجدة... ومن استطاع الانتفاع بآثارهم الطيبة فهو خير ساقه القدر إليه ، وقبيح أن يكون المرء ممن عناهم الشاعر الحكيم: رب بان لهادم، وجموع لمشت، ومحسن لمخس ص _027
صفحه ۲۷