6 (8-9) لا تعد تسمع أحدا تذمرا من حياة البلاط، ولا حتى نفسك.
7 (8-10) الندم هو نوع من توبيخ الذات على إهمالها شيئا ما نافعا. غير أن ما هو خير ينبغي أن يكون شيئا نافعا يحرص عليه الشخص الخير جد الخير، ولكننا لا نرى إنسانا خيرا جد الخير يندم على فوات لذة حسية. اللذة إذن ليست خيرا ولا نفعا.
8 (8-11) هذا الشيء؛ ما هو في ذاته، في جبلته؟ ما جوهره ومادته؟ ما وظيفته في العالم؟ وكم من الزمن يعمر؟
9 (8-12) إذا وجدت نفسك تقوم من النوم كرها فتذكر أن من جبلتك وطبيعتك البشرية أن تؤدي أفعالا اجتماعية، في حين أن النوم شيء مشترك أيضا مع الحيوانات غير العاقلة. ولكن ما يتفق مع طبيعة كل فرد هو أيضا شيء ألصق بهذه الطبيعة وأنسب لها وأكثر قبولا وسواغا في حقيقة الأمر.
10 (8-13) اختبر دوما انطباعاتك الذهنية - كل انطباع على حدة إذا أمكن - طبق عليها مبادئ الفيزياء والأخلاق والجدل.
11 (8-14) كلما قابلت شخصا اسأل نفسك أولا هذا السؤال المباشر: «ما هي الأحكام التي يأخذ بها هذا الشخص حول الخير والشر في الحياة؟» ذلك أنه إذا كان يعتقد هذا الاعتقاد أو ذاك عن اللذة والألم ومكوناتهما، وعن الشهرة والخمول، وعن الحياة والموت، إذن فلن يكون مستغربا لدي أو عجيبا إذا ما تصرف بهذه الطريقة أو تلك، وسوف أتذكر أنه ليس لديه خيار إلا أن يسلك كما سلك.
12 (8-15) أعجيب أن تنبت شجرة التين تينا؟ فأي عجب في أن ينتج العالم هذه الأشياء أو تلك مما هو منتجه؟ أيعجب الطبيب لحمى مريض، أويعجب القبطان لريح معاكسة؟ (8-16) تذكر أن تغييرك لرأيك أو قبولك لتصويب يأتي من غيرك هو شيء يتسق مع حريتك قدر اتساق عنادك وإصرارك على خطئك؛ فالفعل فعلك، تحثه رغبتك أنت وحكمك، وفهمك في حقيقة الأمر. (8-17) إذا كنت مخيرا في هذا الشيء فلماذا فعلته؟ أما إذا كان غيرك هو المخير فيه فمن تراك تلوم؛ الذرات (المصادفة) أم الآلهة؟ كلاهما حماقة؛ فلا محل للوم، بل قوم هذا الفاعل إن استطعت، فإذا لم تستطع فقوم الشيء على الأقل. فإذا لم تستطع فأي هدف يحققه اللوم؛ إذ كل فعل ينبغي أن يتم لهدف. (8-18) كل ما مات لا يسقط خارج العالم، بل يبقى هنا ويتغير، وهنا أيضا يتحلل من مكوناته الصحيحة التي هي عناصر العالم وعناصرك. هذه أيضا تتغير ولا تتذمر. (8-19) كل شيء إنما أتى إلى الوجود لهدف. الحصان مثلا ، الكرمة، أتعجب لهذا؟ فحتى الشمس ستقول «أتيت إلى الوجود لهدف.» وكذلك بقية الآلهة، فلأي هدف إذن أتيت أنت؟ من أجل لذتك؟ انظر هل يقبل العقل هذا؟
13 (8-20) تقيض الطبيعة لكل شيء نهايته مثلما تقيض له بدايته ودوامه. الأمر هنا أشبه برجل يقذف كرة إلى أعلى؛ فأي فضل للكرة إذ تقذف إلى أعلى، وأي ضير عليها إذ تهبط إلى أسفل أو حتى إذ ترتطم بالأرض؟ أي خير للفقاعة إذ تنتفخ، وأي شر إذ تنفجر؟ الشمعة أيضا شأنها شأن الكرة وشأن الفقاعة. (8-21) قلب الجسد ظهرا لبطن، وانظر أي صنف من الأشياء هو، أي صنف من الأشياء إذ يكبر، وأي صنف إذ يمرض، وإذ يموت.
قصيرة هي حياة المادحين والممدوحين معا، الذاكرين والمذكورين. كل هذا في مجرد ركن من قارة واحدة. وحتى هنا ليس الجميع في تناغم بعضهم مع بعض، ولا حتى الفرد في تناغم مع نفسه، والأرض برمتها مجرد نقطة في الفضاء. (8-22) انصرف إلى المسألة التي أمامك، سواء أكانت رأيا أم عملا أم كلمة، إنك تستحق ما أنت فيه؛ لأنك اخترت أن تكون صالحا غدا لا أن تكون صالحا اليوم. (8-23) هل أنا فاعل شيئا؟ أفعله وعيني على خير البشرية، هل ألم بي شيء؟ أتلقاه فأنسبه إلى الآلهة وإلى المصدر الكلي الذي تصدر منه الأشياء جميعا مرتبطة متواشجة. (8-24) ماء الغسل؛ زيت، عرق، قذر، أسن؛ كل ما هو مغث. كذلك حال كل جزء من الحياة، وحال كل شيء فيها.
14 (8-25) دفنت لوكيلا فيروس، ثم ما لبثت لوكيلا أن ماتت ودفنت. وسيكوندا دفنت ماكسيموس، ثم ماتت هي بدورها. كذلك إبيتينخانوس وديوتهوس، وأنطونينوس وفاوستينا. القصة هي القصة دائما وأبدا. مشى كيلير في جنازة هادريانوس، ثم مضى فيما بعد إلى قبره. أين هم الآن، أين تلك العقول الذكية، سواء المتنبئون أو المتزمتون؟ لا شك أن خاراكس وديميتريوس ويودايمون وأمثالهم كانوا عقولا ذكية، ولكن الكل زائل، والكل ميت منذ زمان. البعض اختفى الآن حتى من الأسطورة.
صفحه نامشخص