تأمل یوماً بعد یوم: ۲۵ درساً للعیش بوعی کامل
تأمل يوما بعد يوم: ٢٥ درسا للعيش بوعي كامل
ژانرها
إذا كان التأمل يساعد على مواجهة المعاناة، فهذا لأن راحة الذهن لها تأثير مخفف للآلام. إن ذهننا يقوم طوال الوقت بفلترة إشارات الألم الصغيرة كي لا يزعج في كل مرة وعينا. هذا ما نسميه ب «التحكم الهابط». فإذا كنا قلقين أو مكتئبين فلن يستطيع الذهن حينها القيام بهذه الوظيفة بنفس الفعالية، وسنشعر حينها بآلامنا أكثر. أما إذا كنا في حالة من الراحة الذهنية، فسنعاني حينها بشكل أقل من هذا الألم ذاته. إن تلك الحالة من الراحة الذهنية لا نستطيع أن نستدعيها تلقائيا عندما نحتاجها، وإنما يجب أن نتمرن على ذلك حتى قبل أن تأتينا الآلام؛ لأننا لا نستطيع أن نبدأ بصناعة مظلة النجاة في اللحظة التي تتعطل فيها محركات الطائرة.
فهل ينطبق هذا الأمر أيضا على الآلام التي تصيب روحنا؟
آلام الروح
حين نتعلق بأفكارنا المؤلمة، حين نقوم بتكرارها في ذهننا، فإننا نساهم في نفس الوقت في زيادة صلابتها. إننا نعطيها شكلا ونعطيها أهمية، ونجتر آلامنا محولين إياها إلى وحوش.
هذه الاجترارات هي عملية تصليب لثرثرة ذهننا الآلية. فمن حدث ما نخلق معاناة، دون أن نقصد ذلك. وبالإضافة إلى كل ما يصيبنا مسببا حالات من القلق والاكتئاب، تقوم أفكارنا وقناعاتنا (والتي نصدقها ونؤمن بها حتى لتبدو كأنها ثوابت) بزيادة معاناتنا. ومن ثم نتعلق كأمهات بهذه الوحوش الصغيرة التي قمنا بإنجابها.
الأفكار السلبية التي تأتي وتذهب لا تسبب لنا الألم. لكنها تصير مؤلمة حين تجتاح وعينا وتطلق فيه جذورها مانعة الأفكار الأخرى من الوجود. ومع الوقت إذا تركنا هذه الأفكار في عقولنا طويلا، فإنها ستخلق دروبا من المعاناة المخبأة في أذهاننا والتي ستظهر فجأة من جديد في كل مرة نتعرض فيها لشدة ما. وهذا سيحدث ما يسمى ب «الإلحاحات الأليمة»، والتي تكون مضنية، ومحبطة، ويصعب التحكم بها.
مواجهة المشكلات اليومية
كيف يمكننا أن نمنع ذهننا من السير وراء تلك المشكلات؛ من أن يكون مأخوذا بها؟ قد يبدو الحل تناقضيا؛ لأنه علينا بكل بساطة أن نعطي مساحة أكبر لآلامنا، كي نفك ذاتنا من عناقها.
إن لممارسة التأمل بالوعي الكامل تأثيرا على الشدة والمعاناة اليومية؛ إنها تمنع همومنا (التي هي غالبا شكوك مقلقة) من أن تتحول إلى حقائق، وتمنع مشاعرنا (التي تكون في حالتها الطبيعية في حركة دائمة) من أن تكون مزمنة وتتصلب، فتصير نزوات. إنها تساعدنا على ألا نبقى مكبلين، ومحاصرين في حالة ذهنية مؤلمة.
تحت تأثير آلامنا قد نسجن ذواتنا دون أن ندري؛ لهذا علينا قبل تحريرها من سجنها أن نرى هذه الحواجز أولا. إذن خطوتنا الأولى هي أن نقبل حقيقة هذه الشدة. علينا أن نقبل وجودها في جسدنا، وأن نراقب الأفكار التي ترافقها والدوافع التي ستخلق لدينا. إننا لا نحب أن تصيبنا المحن؛ لأنها تؤلمنا وتخيفنا، لكن صوت الوعي الكامل يقول لنا: «ابق معها، لا تخف من أن تحافظ عليها في حقل وعيك. هل هي حقيقية أم لا؟ ليس هذا هو السؤال، بل هو: هل تستطيع أن تئوي هذه المحنة داخلك وهذه الأفكار والمشاعر، والحالات النفسية تلك، دون أن تنهار، دون أن يصيبك ذلك بالذعر، ودون أن تسبب لك المعاناة؟» هذا ما يقوله بالضبط المثل الصيني: «إنك لا تستطيع أن تمنع طيور الحزن من التحليق حول رأسك. لكن لا تدعها تضع أعشاشها في شعرك.»
صفحه نامشخص