تأمل یوماً بعد یوم: ۲۵ درساً للعیش بوعی کامل
تأمل يوما بعد يوم: ٢٥ درسا للعيش بوعي كامل
ژانرها
للحصول على نهار شتائي رائع كهذا اليوم، لا بد من هواء صاف ومتلألئ بندف الثلج؛ ما يكفي من البرد، دون رياح أو القليل منها. ولا بد أن يأتي الدفء مباشرة من أشعة الشمس وليس من ذوبان الثلج. فلا يجب لقوى الطبيعة أن تتراخى.
هنري ثورو، «مذكرات (فبراير 1854)»
أخذ القرار بعيش اللحظة الحاضرة
تعلمنا حالة الوعي الكامل، كيف نفتح عيوننا. إنه أمر مهم؛ لأنه يوجد حولنا باستمرار عوالم لا نكترث لها. هنا والآن. إننا نستطيع ولوج هذه العوالم بإيقاف الجريان التلقائي لأفكارنا وأفعالنا.
من المؤكد أن ما يهيئ هذا الولوج، هي لحظات من إدراك جمال ما حولنا؛ كالشمس، والثلج، وطائر العقعق في لوحة مونيه. لكنه أيضا اتخاذ القرار بذلك، وهذا ممكن في كثير من اللحظات؛ اتخاذ القرار بأن تلمسنا الحياة، أن تتواصل معنا، وأن تصفعنا أيضا. إنها مسألة فعل واع وإرادي. هو أن نقرر فتح روحنا لكل ما هو حاضر، بدلا من الاختباء في إحدى قلاعنا الداخلية؛ التأملات القلقة، التفكير، التأكيدات، التوقعات.
إنه فعل تحرر. إنه تحرر من تفكيرنا بالمستقبل أو بالماضي. إن حالة الوعي الكامل تعيدنا إلى الحاضر. إنها تحررنا من الأحكام المسبقة، لتعيدنا إلى الحضور. إن روحنا مزدحمة بكثير من الأشياء؛ بعضها مهم، بعضها الآخر قد يكون جديرا بالاهتمام، ومنها ما ليست له أي أهمية. كل ذلك يمثل حواجز أمام الرؤية؛ حواجز أمام التواصل مع العالم. إننا بحاجة إلى الماضي وإلى المستقبل، بحاجة إلى الذكريات، والمشاريع المستقبلية. لكننا أيضا بحاجة إلى الحاضر. الماضي يهمنا، والمستقبل أيضا. فلسفة اللحظة ليست أن نقول إن الحاضر «أكثر أهمية» من المستقبل ومن الماضي، وإنما أكثر هشاشة، وعلينا حمايته. هو ما سيختفي من وعينا حالما يهزنا شيء، أو يشغلنا أمر. يجب أن نعطيه مساحة أوسع؛ كي يوجد.
أن نشعر أكثر من أن نفكر؛ الوعي المغمور
التأمل بوعي كامل لا يعني «تحليل» اللحظة الحاضرة، أو على الأقل ليس كما نظن.
إنه اختبار اللحظة، الإحساس بها بكل كياننا، ودون كلام. قد لا نكون معتادين على - أو قد لا يكون مريحا بالنسبة لنا - أن نقضي أوقاتا طويلة من حياتنا دون كلام. من الصعب البقاء صامتين، لكننا نستطيع القيام به. أما مسألة التوقف عن «التفكير» واختبار تجربة التواصل مع أحاسيسنا الداخلية، فأيا كان رأينا فيها، فإننا قد عشنا هذه التجربة سابقا. إن ما يحدث حقا، ويذهب أبعد من الكلام، موصوف بدقة في هذا المقطع من «رسالة اللورد شاندوس»؛ إنها قصة رائعة للكاتب النمساوي هوجو فون هوفمانستال: «منذ ذلك الحين، أعيش حياة سيصعب عليكم اكتشاف كنهها، ما دامت تجري خارج الروح ودون أفكار ... سيصعب علي أن أوضح لكم من أي مادة هي مصنوعة هذه اللحظات الهانئة. ها هي تعجز كلماتي ثانية؛ لأن ما يحدث ليس له اسم، ولا يمكن أصلا تسميته. إنها هذه التباشير التي تأتيني لتملأ، في تلك اللحظات، التجليات اليومية حولي كجرار بدفق طافح بالحياة الكثيفة والمثيرة. لا أستطيع إلا أن أتوقع منكم فهمي دون أمثلة. وألتمس منكم الغفران على هذه التداعيات السخيفة؛ مرش ماء، مجرفة عشب متروكة، كلب يتمدد في حقل، مقبرة بائسة، معاق، بيت ريفي صغير، كل ذلك قد يصبح في لحظة مادة وحي لي. قد يأخذ أي من هذه الأشياء، وآلاف من الأشياء الأخرى، التي قد تغض عنها العين العادية دون اهتمام، وبشكل مفاجئ، في لحظة، ودون قصد مني، وجودا من السمو والتأثر لدرجة أن أي كلمة لوصفه تبدو لي شديدة السطحية.»
يقول أحد الحكماء البوذيين: «لا يقوم الوعي الكامل بالاستجابة لما يراه، إنه يرى بكل بساطة، ويفهم دون كلام.» في لحظات معينة قد تساعدنا الكلمات بشكل كبير؛ تسمية ألم أو فرح ما قد تساعدنا على تحمله، تجاوزه، فهمه، أو تذوقه. لكنها لا تستطيع فعل شيء أمام شرح تعقيد حالة ما نعيشها. حتى إنها قد تمنع، تزور أو حتى تبدد التجربة التي نعيشها. هناك لحظات يفضل فيها ألا نقول شيئا. علينا أحيانا عبور حقيقة ما نعيشه بشكل مختلف، بإحساسه واختباره.
صفحه نامشخص