الْمُجْتَهدين، كَانَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ أَفْقِرَنِي، وَلَا أَزْمِنِّي"١ وَلَا بِذَلِكَ اسْتَعْبَدَهُمُ اللَّهُ ﷿، بَلِ اسْتَعْبَدَهُمْ بِأَنْ يَقُولُوا: "اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي، اللَّهُمَّ٢ عَافِنِي".
وَكَانُوا يَقُولُونَ: "اللَّهُمَّ لَا تَبْلُنَا إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ".
يُرِيدُونَ: لَا تَخْتَبِرْنَا إِلَّا بِالْخَيْرِ، وَلَا تَخْتَبِرْنَا بِالشَّرِّ، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَخْتَبِرُ عِبَادَهُ بِهِمَا، لِيَعْلَمَ كَيْفَ شكرهم وصبرهم.
وَقَالَ الله تَعَالَى: ﴿وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ﴾ ٣ أَيِ: اخْتِبَارًا.
وَكَانَ مُطَرِّفٌ يَقُولُ: لَأَنْ أُعَافَى فَأَشْكُرَ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ أُبْتَلَى فَأَصْبِرَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَقَدْ ذَكَرْتُ هَذَا فِي كِتَابِ "غَرِيبِ الْحَدِيثِ" بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا الشَّرْحِ وَلَمْ أَجِدْ بُدًّا مِنْ إِيدَاعِهِ فِي هَذَا الْكِتَابِ أَيْضًا، لِيَكُونَ جَامِعًا، لِلْفَنِّ الَّذِي قصدنا لَهُ.
١ أزمني: أَمْرَضَنِي.
٢ فِي نُسْخَة: اللَّهُمَّ ارزقنا، اللَّهُمَّ عافنا.
٣ سُورَة الْأَنْبِيَاء: الْآيَة ٣٥.