234

تأويل مختلف الحديث

تأويل مختلف الحديث

ناشر

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

شماره نسخه

الطبعة الثانية

سال انتشار

۱۴۱۹ ه.ق

ژانرها

علوم حدیث
كَأَنَّهُ سَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى، أَنْ لَا يَجْعَلَهُ مِنَ الْجَبَّارِينَ وَالْمُتَكَبِّرِينَ، وَلَا يَحْشُرَهُ فِي زُمْرَتِهِمْ.
وَالْمَسْكَنَةُ، حَرْفٌ مَأْخُودٌ مِنَ "السُّكُونِ" يُقَالُ: "تَمَسْكَنَ الرِّجْلُ" إِذَا لَانَ وَتَوَاضَعَ، وَخَشَعَ، وَخَضَعَ.
وَمِنْهُ قَوْلُ النَّبِيِّ ﷺ لِلْمُصَلِّي: "تبأس وَتَمَسْكَنْ وَتُقَنِّعْ رَأْسَكَ" ١.
يُرِيدُ: تَخَشَّعْ، وَتَوَاضَعْ لِلَّهِ ﷿.
وَالْعَرَبُ تَقُولُ: بِي الْمِسْكِينَ٢ نَزَلَ الْأَمْرُ، لَا يُرِيدُونَ مَعْنَى الْفَقْرِ، إِنَّمَا يُرِيدُونَ مَعْنَى الذِّلَّةِ وَالضَّعْفِ.
وَكَذَلِكَ قَوْلِ النَّبِيِّ ﷺ لِقَيْلَةَ: "يَا مِسْكِينَةُ " لَمْ يُرِدْ: يَا فَقِيرَةُ، وَإِنَّمَا أَرَادَ، مَعْنَى الضَّعْفِ.
وَمِنَ الدَّلِيلِ عَلَى مَا أَقُولُ: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، لَوْ كَانَ سَأَلَ اللَّهَ ﷿ الْمَسْكَنَةَ، الَّتِي هِيَ الْفَقْرُ، لَكَانَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ مَنَعَهُ مَا سَأَلَهُ، لِأَنَّهُ قَبَضَهُ غَنِيًّا مُوسِرًا، بِمَا أَفَاءَ اللَّهُ ﷿ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَضَعْ دِرْهَمًا عَلَى دِرْهَمٍ.
وَلَا يُقَالُ لِمَنْ تَرَكَ مِثْلَ بَسَاتِينِهِ بِالْمَدِينَةِ، وأمواله، وَمثل فدك: إِنَّه

١ أخرجه أَبُو دَاوُد: تطوع ١٧ وَأخرجه ابْن مَاجَه، إِقَامَة ١٧٢ بِلَفْظ: "صَلَاة اللَّيْل مثنى مثنى، وَتشهد فِي كل رَكْعَتَيْنِ وتباءس وتمسكن وتقنع، وَتقول: اللَّهُمَّ اغْفِر لي فَمن يفعل ذَلِك فَهِيَ خداج".
قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ: الْمَشْهُور فِي هَذِه الرِّوَايَة أَنَّهَا أَفعَال مضارعة حذف مِنْهَا إِحْدَى التَّاءَيْنِ.
قَالَ الْحَافِظ أَبُو الْفضل الْعِرَاقِيّ فِي شرح التِّرْمِذِيّ: الْمَشْهُور فِي هَذِه الرِّوَايَة أَنَّهَا أَفعَال مضارعة حذف مِنْهَا أحدى التَّاءَيْنِ.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيّ: التباؤس: التفاقر، وَأَن يرى من نَفسه تخشع الْفُقَرَاء إخباتا وتضرعًا.
والتمسكن: من الْمِسْكِين وَهُوَ مفعيل من السّكُون لِأَنَّهُ يسكن إِلَى النَّاس كثيرا. وَزِيَادَة الْمِيم فِي الْفِعْل شَاذَّة لم يروها سِيبَوَيْهٍ إِلَّا فِي هَذَا الْموضع وَفِي تمدرع وتجندل. وَكَانَ الْقيَاس تسكن وتدرع.
وتقنع: من الْإِقْنَاع وَهُوَ رفع الْيَدَيْنِ فِي الدُّعَاء قبل الرّفْع بعد الصَّلَاة لأَخِيهَا.
٢ وَفِي نُسْخَة: بالمسكين نزل الْأَمر، وَلَعَلَّ أصح.

1 / 248