223

تأويل مختلف الحديث

تأويل مختلف الحديث

ناشر

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

شماره نسخه

الطبعة الثانية

سال انتشار

۱۴۱۹ ه.ق

ژانرها

علوم حدیث
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ حِينَ دَعَا لَهُ بِتَثْبِيتِ اللِّسَانِ وَالْقَلْبِ، لَمْ يُرِدْ أَنْ لَا يَزَلَّ أَبَدًا، وَلَا يَسْهُوَ، وَلَا يَنْسَى، وَلَا يَغْلَطَ فِي حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، لِأَنَّ هَذِهِ الصِّفَاتِ، لَا تَكُونُ لِمَخْلُوقٍ، وَإِنَّمَا هِيَ مِنْ صِفَاتِ الْخَالِقِ سُبْحَانَهُ جَلَّ وَعَزَّ.
وَالنَّبِيُّ ﷺ أَعْلَمُ بِاللَّهِ تَعَالَى، وَبِمَا يَجُوزُ عَلَيْهِ، وَبِمَا لَا يَجُوزُ مِنْ١ أَنْ يَدْعُوَ لِأَحَدٍ بِأَنْ لَا يَمُوتَ، وَقَدْ قَضَى اللَّهُ تَعَالَى الْمَوْتَ عَلَى خَلْقِهِ وَبِأَنْ لَا يَهْرَمَ إِذَا عَمَّرَهُ، وَقَدْ جَعَلَ الْهَرَمَ فِي تَرْكِيبِهِ، وَفِي أَصْلِ جِبِلَّتِهِ.
وَكَيْفَ يَدْعُو لَهُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ، فَيَنَالُهَا بِدُعَائِهِ، وَالنَّبِيُّ ﷺ نَفْسُهُ رُبَّمَا سَهَا وَكَانَ يَنْسَى الشَّيْءَ مِنَ الْقُرْآنِ، حَتَّى قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسَى﴾ ٢ وَقَبِلَ الْفِدْيَةَ فِي يَوْمِ بَدْرٍ، فَنَزَلَ: ﴿لَوْلا كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ ٣ وَقَالَ: "لَوْ نَزَلَ عَذَابٌ مَا نَجَا إِلَّا عُمَرُ" وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَشَارَ عَلَيْهِ بِالْقَتْلِ، وَتَرْكِ أَخْذِ الْفِدَاءِ.
وَأَرَادَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ أَنْ يَتَّقِيَ الْمُشْرِكِينَ بِبَعْضِ ثِمَارِ الْمَدِينَةِ، حَتَّى قَالَ لَهُ بَعْضُ الْأَنْصَارِ مَا قَالَ.
وَكَادَ يُجِيبُ الْمُشْرِكِينَ إِلَى شَيْءٍ مِمَّا أَرَادُوهُ، يَتَأَلَّفُهُمْ بِذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ ﷿: ﴿وَلَوْلا أَنْ ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدْتَ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا، إِذًا لَأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا﴾ ٤.
وَهَكَذَا الْأَنْبِيَاءُ الْمُتَقَدِّمُونَ ﵈، فِي السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ.
وَتَعْدَادُ هَذَا يَطُولُ، وَيَكْثُرُ وَلَيْسَ بِهِ خَفَاءٌ عَلَى مَنْ عَلِمَهُ.
وَإِنَّمَا دَعَا النَّبِيُّ ﷺ لَهُ، بِأَنْ يَكُونَ الصَّوَابُ أَغْلَبَ عَلَيْهِ، وَالْقَوْلُ بِالْحَقِّ فِي الْقَضَاء أَكثر مِنْهُ.

١ بنسخة أُخْرَى: لِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يَدْعُو.
٢ سُورَة الْأَعْلَى: الْآيَة ٦.
٣ سُورَة الْأَنْفَال: الْآيَة ٦٨.
٤ سُورَة الْإِسْرَاء: الْآيَة ٧٤-٧٥.

1 / 237