199

تأويل مختلف الحديث

تأويل مختلف الحديث

ناشر

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

شماره نسخه

الطبعة الثانية

سال انتشار

۱۴۱۹ ه.ق

ژانرها

علوم حدیث
فَقَالَ اللَّهُ جَلَّ وَعَزَّ لِلْحَيَّةِ: مِنْ أَجْلِ فِعْلِكِ هَذَا، فَأَنْتِ مَلْعُونَةٌ، وَعَلَى بَطْنِكِ تَمْشِينَ، وَتَأْكُلِينَ التُّرَابَ، وَسَأُغْرِي بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَوَلَدِهَا، فَيَكُونُ يَطَأُ رَأْسَكِ، وَتَكُونِينَ أَنْتِ تَلْدَغِينَهُ بِعَقِبِهِ١. وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ: وَأَمَّا أَنْتِ فَأُكْثِرُ أَوْجَاعَكِ وَإِحْبَالَكِ، وَتَلِدِينَ الْأَوْلَادَ بِالْأَلَمِ، وَتُرَدِّينَ إِلَى بَعْلِكِ حَتَّى يَكُونَ مُسَلَّطًا عَلَيْكِ. وَقَالَ لِآدَمَ ﷺ: مَلْعُونَةٌ الْأَرْضُ مِنْ أَجْلِكَ وَتُنْبِتُ الْحَاجَّ٢ وَالشَّوْكَ، وَتَأْكُلُ مِنْهَا بِالشَّقَاءِ وَرَشْحِ جَبِينِكَ، حَتَّى تَعُودَ إِلَى التُّرَابِ مِنْ أَجْلِ أَنَّكَ تُرَابٌ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: أَفَمَا تَرَى أَنَّ الْحَيَّةَ أَطْغَتْ وَاخْتَدَعَتْ، فَلَعَنَهَا اللَّهُ تَعَالَى، وَغَيَّرَ خَلْقَهَا، وَجَعَلَ التُّرَابَ رِزْقَهَا٣. أَفَمَا يَجُوزُ أَنَّ تُسَمَّى هَذِهِ فَاسِقَةً وَعَاصِيَةً، وَكَذَلِكَ الْغُرَابُ بِمَعْصِيَتِهِ نُوحًا ﷺ. وَيَرَى أَهْلُ النَّظَرِ أَنَّهُ إِنَّمَا سُمِّيَ غُرَابَ الْبَيْنِ، لِأَنَّهُ بَانَ عَنْ نُوحٍ ﵇ فَذَهَبَ، وَلِذَلِكَ تَشَاءَمُوا بِهِ، وَزَجَرُوا فِي نَعِيقِهِ بِالْفِرَاقِ وَالِاغْتِرَابِ، وَاسْتَخْرَجُوا مِنَ اسْمِهِ الْغُرْبَةَ، وَقَالُوا: "قَذَفته نوى غربَة" و"هَذَا شَاءَ مغرب" و"هَذِه عَنْقَاءُ مُغْرِبٌ" أَيْ: جَائِيَةٌ مِنْ بُعْدٍ؛ يَعْنُونَ: الْعُقَابَ. وَكُلُّ هَذَا مُشْتَقٌّ مِنَ اسْمِ الْغُرَابِ، لِمُفَارَقَتِهِ نُوحًا ﷺ وَمُبَايَنَتِهِ. قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَمِنَ الدَّلِيلِ أَيْضًا، حَدِيثُ مُحَمَّدِ بْنِ سِنَان الْعَوْفِيّ،

١ لَا نستحسن مثل هَذِه الاستشهادات بأقوال التَّوْرَاة، وَنحن نعلم التحريف الَّذِي أوجده أَتْبَاعه فِيهَا؛ إِذْ كَيفَ يستساغ قَول آدم: "اخْتَبَأْت مِنْك"، وَهُوَ يعلم أَنه لَا يغيب عَن علم الله شَيْء، وَلَا يخفي عَلَيْهِ أمرا.. "الْمُحَقق". ٢ الْحَاج: أَي الشوك. وَفِي النِّهَايَة: ضرب من الشوك، واحده: حَاجَة. ٣ لَا أجد مناسبًا أَن نعتبر مَا فِي التَّوْرَاة حقائق نَبْنِي عَلَيْهَا حجَّة ونتخذ مِنْهَا دَلِيلا؛ وَالْأَظْهَر مِنْهُ عِنْدِي: أَن يستشهد الْمُؤلف بِمَا ورد فِي الْقُرْآن الْكَرِيم من قصَّة سُلَيْمَان ﵇ والهدهد. "الْمُحَقق".

1 / 213