194

تأويل مختلف الحديث

تأويل مختلف الحديث

ناشر

المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق

ویراست

الطبعة الثانية

سال انتشار

۱۴۱۹ ه.ق

ژانرها

علوم حدیث
وَالْأَخْبَارُ عَنِ الْكِلَابِ فِي هَذَا كَثِيرَةٌ صِحَاحٌ -وَنَكْرَهُ الْإِطَالَةَ بِذِكْرِهَا.
وَلَيْسَتْ تَخْلُو الْكِلَابُ مِنْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةً مِنْ أُمَمِ السِّبَاعِ، أَوْ تَكُونَ أُمَّةً مِنَ الْجِنِّ، كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: "الْكِلَابُ أُمَّةٌ مِنَ الْجِنِّ١ وَهِيَ ضَعَفَةُ الْجِنِّ، فَإِذَا غَشِيَتْكُمْ عِنْدَ طَعَامِكُمْ، فَأَلْقُوا لَهَا، فَإِنَّ لَهَا أَنْفُسًا، يَعْنِي: أَنَّ لَهَا عُيُونًا، تُصِيبُ بِهَا".
وَالنَّفْسُ: الْعَيْنُ، يُقَالُ: أَصَابَتْ فَلَانَا نَفْسٌ، أَيْ: عَيْنٌ.
وَقَالَ أَيْضًا: "الْجَانُّ مَسِيخُ الْجِنِّ، كَمَا مُسِخَتِ الْقِرَدَةُ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ".
وَلَا يَبْعُدُ أَيْضًا، أَنْ تَكُونَ الْكِلَابُ كَذَلِكَ.
وَهَذِهِ الْأُمُورُ، لَا تُدْرَكُ بِالنَّظَرِ وَالْقِيَاسِ وَالْعُقُولِ، وَإِنَّمَا يُنتهى فِيهَا إِلَى مَا قَالَهُ الرَّسُولِ ﷺ، أَوْ مَا قَالَهُ مَنْ سَمِعَ مِنْهُ وَشَاهَدَهُ.
فَإِنَّهُمْ لَا يَقْضُونَ عَلَى مَثَلِهِ إِلَّا بِسَمَاعٍ مِنْهُ أَوْ سَمَاعٍ مِمَّنْ سَمِعَهُ، أَوْ بِخَبَرٍ صَادِقٍ مِنْ خَبَرِ الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ وَلَيْسَ هُوَ مِنْ أُمُورِ الْفَرَائِضِ وَالسُّنَنِ.
وَلَيْسَ عَلَيْنَا وَكْفٌ٢ وَلَا نَقْصٌ، مِنْ أَنْ تَكُونَ الْكِلَابُ مِنَ السِّبَاعِ، أَوِ الْجِنِّ، أَوِ الْمَمْسُوخِ.
فَإِنْ كَانَتْ مِنَ السِّبَاعِ، فَإِنَّمَا أُمِرَ بِقَتْلِ الْأَسْوَدِ مِنْهَا، وَقَالَ: "هُوَ شَيْطَانٌ"؛ لِأَنَّ الْأَسْوَدَ الْبَهِيمَ مِنْهَا أَضَرُّهَا وَأَعْقَرُهَا، وَالْكَلْبُ إِلَيْهِ أَسْرَعُ مِنْهُ إِلَى جَمْعِهَا، وَهُوَ -مَعَ هَذَا أَقَلُّهَا نَفْعًا وَأَسْوَؤُهَا حِرَاسَةً، وَأَبْعَدُهَا مِنَ الصَّيْدِ، وَأَكْثَرُهَا نُعَاسًا.
وَقَالَ: "هُوَ شَيْطَانٌ" يُرِيدُ: أَنَّهُ أَخْبَثُهَا، كَمَا يُقَالُ فَلَانٌ شَيْطَانٌ، وَمَا هُوَ إِلَّا شَيْطَانٌ مَارِدٌ، وَمَا هُوَ إِلَّا أَسَدٌ عَادٍ، وَمَا هُوَ إِلَّا ذِئْبٌ عَادٍ -يُرَادُ: أَنَّهُ شَبيه بذلك.

١ الْجِنّ: بِالْكَسْرِ، حَيّ من الْجِنّ، مِنْهُم الْكلاب السود البهم، أَو سفلَة الْجِنّ وضعفاؤهم، أَو كلابهم، أَو خلق من الْجِنّ وَالْإِنْس "الْقَامُوس الْمُحِيط".
٢ وكف: أَي عيب أَو إِثْم أَو جور "الْقَامُوس الْمُحِيط".

1 / 208