تأويل مختلف الحديث
تأويل مختلف الحديث
ناشر
المكتب الاسلامي ومؤسسة الإشراق
شماره نسخه
الطبعة الثانية
سال انتشار
۱۴۱۹ ه.ق
ژانرها
علوم حدیث
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ صَحِيحٌ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا يُوجِبُ حُكْمًا، لِأَنَّهُ لَمْ يَقُلْ فِيهِ: إِنَّهُ قَطَعَهَا، وَإِنَّمَا قِيلَ أَمَرَ بِقَطْعِهَا.
وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَأْمُرَ وَلَا يَفْعَلَ، وَهَذَا قَدْ يَكُونُ مِنَ الْأَئِمَّةِ عَلَى وَجْهِ التَّحْذِيرِ وَالتَّرْهِيبِ، وَلَا يُرَادُ بِهِ إِيقَاعُ الْفِعْلِ.
وَمِثْلُهُ: الْحَدِيثُ الَّذِي يَرْوِيهِ الْحَسَنُ، عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ١ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: "مَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ قَتَلْنَاهُ، وَمن تجدع عَبْدَهُ جَدَعْنَاهُ"٢.
وَالنَّاسُ جَمِيعًا عَلَى أَنَّهُ لَا يُقْتَلُ رَجُلٌ بِعَبْدِهِ، وَلَا يُقْتَصُّ مِنْهُ لِعَبْدِهِ، وَإِنَّمَا يَخْتَلِفُونَ فِي عَبْدِ غَيْرِهِ.
وَأَرَادَ ﷺ، تَرْهِيبَ السَّيِّدِ وَتَحْذِيرَهُ، أَنْ يَقْتُلَ عَبْدَهُ، أَوْ يُمَثِّلَ بِهِ، وَلَمْ يُرِدْ إِيقَاعَ الْفِعْلِ.
وَكَانَ الْحُكْمُ، يَجِبُ بِأَنْ يُقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ رَجُلًا بِعَبْدِهِ، أَوِ اقْتَصَّ مِنْهُ لِعَبْدِهِ، فَأَمَّا قَوْلُهُ: مَنْ فَعَلَ فَعَلْنَا بِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ تَحْذِيرٌ وَتَرْهِيبٌ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ ﷺ: "مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاجْلِدُوهُ، فَإِنْ عَادَ فَاقْتُلُوهُ" ٣ إِنَّمَا هُوَ تَرْهِيبٌ، لِئَلَّا يُعَاوِدَهُ.
وَيَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ، أَنَّهُ أُتِيَ بِهِ فِي الْمَرَّةِ الرَّابِعَةِ، فَجَلَدَهُ وَلَمْ يَقْتُلْهُ.
وَهَكَذَا نَقُولُ فِي الْوَعِيدِ كُلِّهِ: أَنَّهُ جَائِزٌ أَنْ يَقَعَ وَأَنْ لَا يَقَعَ، عَلَى حَدِيثِ٤ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: "مَنْ وَعَدَهُ اللَّهُ عَلَى عَمَلٍ ثَوَابًا، فَهُوَ مُنْجِزُهُ لَهُ، وَمَنْ أَوْعَدَهُ عِقَابًا فَهُوَ فِيهِ بِالْخِيَارِ"٥.
١ سَمُرَة بن جُنْدُب الْفَزارِيّ، صَحَابِيّ من صغَار الصَّحَابَة، وَنزل الْبَصْرَة وَكَانَ شَدِيدا على الْخَوَارِج قَالَ ابْن عبد الْبر سقط فِي قدر مَمْلُوء مَاء حارًّا فَمَاتَ سنة ٥٨هـ.
٢ ضَعِيف الْجَامِع الصَّغِير رقم ٥٧٦١-٩٤٨ عَن سَمُرَة، وتحرير الْمشكاة ٣٤٧٣.
٣ سنَن أبي دَاوُد: حُدُود ٣٦، وَالتِّرْمِذِيّ: حُدُود ١٥، وَالنَّسَائِيّ: أشربة ٤٣، وَابْن ماجة: حُدُود ١٧ و١٨، والدارمي: أشربة ١٠، وَأحمد ٢/ ١٣٦، ١٦٦، ١٩١، ٢١١، ٢١٤، ٢٨٠.
٤ أبي بِنَاء على مَا جَاءَ فِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة.
٥ ورد فِي جَامع الْأَحَادِيث للسيوطي برقم ٢٣٢٤٥ وَقَالَ: أخرجه أَبُو يعلى فِي مُسْنده والخرائطي فِي مَكَارِم الْأَخْلَاق، وَالْبَيْهَقِيّ فِي الْبَعْث، وَابْن عَسَاكِر عَن أنس وَضعف.
1 / 158