السيوف البواتر
لمن يُقدِّم صلاة الصبح على الفجر الآخر
تأليف العلامة الفقيه
عبد الله بن عمر بن أبي بكر بن يحيى
العلوي الحضرمي الشافعي
(١٢٠٩هـ - ١٢٦٥هـ)
تحقيق
صالح بن عبد اللاه بلفقيه
(١٤٣٢هـ / ٢٠١١م)
صفحه نامشخص
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
مقدمة المحقق
الحمد لله الذي أنزل الهدى وجعل له أعلامًا تدل عليه، وانتدب لشريعته حراسًا أمناء ينفون عنها دعوى المبطلين، وبدع الغالين، ينافحون عن دين الله ولا يخافون في الله لوم اللائمين، ولا يخذلهم عن نصرته شبه المشككين، وتثبيط المتقاعسين، فلا يزالون على محجة الدين البيضاء وطريقته السمحاء، يردون إليها الزائغين، ويدعون إليها المتنَكبين، مقتفيين في ذلك سيرة إمام المتقين، وخيرة الدعاة العاملين، وسيد عباد الله الصالحين، محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد، فإني أضع بين يديك - أخي القارئ الكريم - رسالة أنشأَها مؤلفها ليردَّ أناسًا إلى الجادة، بعد أن حادوا عن الرسم الذي خطه الشارع في ميقات صلاة الفجر وهو رؤية الفجر الصادق إلى اللهث خلف النجوم والمنازل طالعها ومتوسطها وغاربها، وأَلقوا على عاتقهم مشقةً لم يُؤْمروا بحملها فبعُدوا عن الحق، وانتهى بهم هذا
1 / 1
الشطط إلى تقديم أذان الفجر على موعده، فصلى المصلي الفجر قبل طلوع الفجر الصادق، ومُنع الصائم من الطعام والنكاح، والقائم من القيام، وتمادوا في ذلك الخطأ بل وشنَّعوا على من أنكر فعلهم، وقد عمَّت هذه الفتنة الكثير من بلاد اليمن، وأشهر من تصدّى لها وكتب فيها - فيما أعلم - من اليمن الشيخ عبد الواسع بن يحيى الواسعي (١)، ومن حضرموت العلامة عيدروس بن أحمد بن شهاب (٢) والمؤلف العلامة عبد الله بن عمر بن يحيى، وقد رأيت في كتاب ابن يحيى - الذي أضعه بين يديك - من الفوائد الفقهية والأصولية في باب المواقيت ما يستحق به الخروج من مكامن النسيان ورفوف الإهمال إلى أيدي الباحثين من حاسبين وفقهاء على وجه سواء، وسيوافق فيما أتوقع حاجة لديهم على اختلاف اهتماماتهم، لأن المؤلف تجاوز فيه حدود النصِّية الضيقة إلى أفق الاستنتاج
_________
(١) ينظر: ما كتبه الشيخ عبد الواسع الواسعي في هذا الموضوع في كتابه «كنز الثقات في علم الأوقات» الذي ألفه سنة ١٣٤٦هـ. (الواسعي، كنز الثقات).
(٢) ينظر: ترجمته صفحة ٧٣.
1 / 2
والتأصيل الفقهي، وإنني إذ أُسهم في نشر هذا الكتاب الذي يعالج خطأً وقع في زمن مضى ولا أظن أحدًا يتمسك بهذا الخطأ في زماننا هذا، وأن المؤلف قد وضع بديلًا عنه اعتماد " ثُمُن الليل " حصة للفجر، وهذا أيضًا غير دقيق، ويُوقِع في خطأ التقديم الذي حذّر منه، لكنني وجدت في ما ورد في الكتاب من نصوص واستنتاجات وقواعد فقهية وأصولية في المواقيت كفيلة - كما أتصور - بتبصرة من يبحث عن الصواب في دخول وقت صلاة الفجر الذي تَبايَنَت فيه التَّقاويم المعاصرة المعمول بها في أقطار العالم الإسلامي أيَّما تباين، ولعلّي بهذا العمل أُسهم في تسليط الضوء على نتاج القُطر الحضرمي في علم الميقات والفلك والفقه، فالكتاب كثير المصادر، وفيه ذكر لمؤلفين وكتب أَزمعت على الرحيل إلى عالم النسيان وغياهب النكران، بل إن المؤلف وهو علم من أعلام قطره ولم ينأَ عنا عصره بعدُ نجد تخبطًا في تاريخ وفاته، وصعوبة في جمع آثاره، وتقصِّي أخباره، ولا تزال هناك العديد من الأعمال الحضرمية تنتظر إنقاذها من فك الإهمال والضياع.
1 / 3
وقد صدّرتُ الكتاب بمقدمة تضمنت ثلاثة فصول:
الفصل الأول: تعريفٌ بالمؤلف: (اسمهُ ونسبهُ، وكنيتهُ ولقبهُ، ونشأتهُ وطلبهُ للعلم، وشيوخُه، وبعضُ أقرانهِ وأصحابِهِ، ومذهبهُ العَقدي والفقهي، وطرفٌ من سيرته، وثناءُ الناس عليه، ومكانَتُه العلمية، وتلاميذُه، وأولاده، ومؤلفاتُه، ووفاتُه، وبعضُ الملامح السياسية والفكرية لعصره.
الفصل الثاني: تعريفٌ بالكتاب: (عنوانُ الكتاب، وتوثيقُ اسم الكتاب، ونسبتُه إلى المؤلف، وسببُ تأليفه، وموضوعاتُ الكتاب ونظامُ ترتيبه، ومنهجُ المؤلف وأسلوبُه في الكتاب، ومصادرُ الكتاب، وتقييمُ الكتاب وذكرُ محاسنه، ورسالةُ بلفقيه التي يرُدُّ عليها الكتاب، وعلاقةُ المؤلف ابن يحيى بمؤلفِ «الرسالة» بلفقيه، واستعراضُ رسالة بلفقيه الموسومة «السيف البتَّار لمن يقول بأفضليّة تأخير صلاة الصبح إلى الإِسفار»، والتعريفُ بابن شهاب مؤلف «الرسالة»
1 / 4
التي يؤازرها الكتاب، واستعراض رسالة ابن شهاب «القول الصادق في بيان الفجر الصادق المعترض وإِدحاض كلام المعترض».
الفصل الثالث: وصفُ النسخة الخطية، وعملي في التحقيق.
واللهَ أَسأَل أن ينفع به الجميع، وهو سبحانه الهادي إلى سواء السبيل، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم، والحمد لله رب العالمين.
صالح بن عبد اللاه بن حسن بلفقيه
[email protected]
اليمن - حضرموت - تريم
٢٩/صفر الخير ١٤٢٩هـ
٧/ ٣/٢٠٠٨م
1 / 5
الفصل الأول: التعريف بالمؤلف
اسمه ونسبه
هو عبدُ الله بن عمر بن أبي بكر بن عمر بن طه بن محمد بن شيخ بن أحمد بن يحيى بن حسن بن علي بن علوي بن محمد (مولى الدَّويلة) بن علي بن علوي بن محمد (الفقيه المقدم) بن علي بن محمد (صاحب مرباط) بن علي (خالع قَسَم) بن علوي بن محمد بن علوي بن عُبيدِ الله بن أحمد (المهاجر إلى الله) بن عيسى بن محمد بن علي (العُرَيْضِي) بن جعفر (الصادق) بن محمد (الباقِر) بن علي (زين العابدين) بن الحسين بن فاطمة (الزهراء) بنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (١).
_________
(١) ينظر: شجرة نسب السادة آل أبي علوي. صورة مخطوطة عليها تملك السيد محمد ابن المؤلف. وَعقيل. تذكرة الأحياء. (مخطوط). وعبد الرحمن المشهور. شمس الظهيرة ١/ ٣١١ - ٣١٢.
1 / 6
كنيته ولقبه
لم أقف على كنيته، وابنه العلامة (عُمَر) أكثر أبناءه علمًا وفضلًا، ويُلقَّب مؤلفنا (بصاحب البقرة) وستأتي قصة هذا اللقب، كما أنه أحد العَبادلة السبعة الحضرميين (١) الذين عاشوا في عصر عُرف في تاريخ حضرموت بهم (عصر العبادلة).
_________
(١) هم سبعة من علماء وأعلام حضرموت ضمهم عصر واحد (القرن الثالث عشر الهجري)، وجمعهم اسم واحد هو (عبد الله)، لهم باع مشهود في العلم والدعوة والإصلاح ونشر الفضيلة، وهم كما يقول ابن عبيد الله السقاف: أفضل فريقًا وأقوم طريقًا ممن جاء بعدهم. منهم في تريم: عبد الله بن أبي بكر عيديد (ت ١٢٥٥هـ) وعبد الله بن علي بن عبد الله بن عيدروس بن شهاب (١١٨٧هـ- ١٢٦٥هـ)، وعبد الله بن حسين بلفقيه (ت ١٢٦٦هـ)، ومن قرية المسيلة: عبد الله بن حسين بن طاهر (١٢٧٢هـ)، والمؤلف عبد الله بن عمر بن يحيى (ت ١٢٦٥هـ)، ومن دوعن: عبد الله بن أحمد باسودان (ت ١٢٦٦هـ)، ومن (خلع راشد) عبد الله بن سعد بن سُمير (ت ١٢٦٢هـ). (ينظر: عيدروس بن عمر. عقد اليواقيت الجوهرية. (١/ ١١٢) (٢/ ٤٨). وابن عبيد الله السقاف. إدام القوت. ص ٦٩٩، وابن هاشم. تاريخ الدولة الكثيرية. ص ١٤٨، الشاطري. أدوار التاريخ الحضرمي (٢/ ٣٩٥ - ٣٩٦).
1 / 7
نشأتهُ وطلبهُ للعلم
وُلِدَ بقريةِ (المَسِيْلَةِ) التي يسميها البعض بـ (غُرَف آل شيخ) (١)، وتقع قرية (المَسِيْلَةُ) جنوب مدينة تريم بوادي حضرموت، وكان ميلاده بها ليلة الجمعة ٢٠ جمادى الأولى سنة ١٢٠٩هـ (٢)، الذي يوافق ١٢ ديسمبر ١٧٩٤م. ووالده السيد الصالح عمر بن أبي بكر بن
_________
(١) ينظر: عبد الله السقاف. تاريخ الشعراء الحضرميين. (٣/ ٢٠٩).
تُعرف قرية (المَسيلة) بغرف آل شيخ نسبة لشيخ بن أحمد بن يحيى جد المؤلف، قال عقيل ابن المؤلف في ترجمة المؤلف: أنه دفن في غرف آل شيخ وقبره فيها. يقصد (المَسِيلة) تميزًا لها عن قرية (الغُرف) المعروفة وهي غُرف آل زيدان من القرامصة التميميين، ومن ظن أن (الغُرف) هي غرف آل شيخ فقد وَهِم (ينظر: عقيل. تذكرة الأحياء. (مخطوط)، وعبد الرحمن المشهور. شمس الظهيرة. ص ٣١٢. وابن عبيد الله السقاف. إدام القوت ص ٨١٩).
(٢) ينظر: عقيل. تذكرة الأحياء. مخطوط. وعيدروس بن عمر. عقد اليواقيت الجوهرية ١/ ١٣٠. وعبد الله السقاف. تاريخ الشعراء الحضرميين. ٣/ ٢٠٩.
1 / 8
عمر بن يحيى (١)، ووالدته السيدة الشجاعة خديجة بنت حسين بن طَاهِر (٢)، وآل طَاهِر أخواله وأخوال أبيه، وقد تولى تربيتَهُ وتأديبَهُ وتعليمَهُ مع أبيه خالاه العالمان طاهر وعبد الله بن حسين بن طاهر، ولازال المؤلف مُنْصَاعًا لتوجيهاتِ خاليه حتى بَعْدَ أن صار كبيرًا (٣)، فمؤلفنا إذن تَرَعْرَعَ في ما يمكن أن نسميها (المدرسةَ الطَّاهِريَّةَ) التي كان يديرها خاله العلامة طاهر بن حسين بن طاهر (٤)، ومن سمات هذه المدرسة: الجمع بين الخَلْفِيَّة الفقهية الشرعية والعقيدة
_________
(١) يعد والد المؤلف من الساعين في الإصلاح بين الناس والقبائل وإخماد نار الفتن، وكان فيمن ساند ثورة العلامة طاهر بن حسين بن طاهر، توفي سنة ١٢٢٩هـ. (ينظر: عبد الرحمن المشهور. شمس الظهيرة. ٢/ ٥٨٧. وأحمد علوي. شرف المحيا. ص ٢٢ - ٢٥، الذي نقل عن شجرة أنساب آل يحي).
(٢) ينظر: علي الحبشي. كلام الحبيب علي الحبشي. ص٦٦. والكاف. الفرائد الجوهرية. ص ١٦٢. وينظر صفحة ٢٩ من هذا الكتاب.
(٣) ينظر: بعض تلك المواقف التربوية: علي العطاس. تاج الأعراس (٢٧٣ - ٢٧٥).
(٤) ينظر: صفحة ٢٢٣.
1 / 9
السنية والرِّيادة السياسية والإِرادة الجَهَادية والاعتزازُ بالنسبة العَلَويَّة والزُّهد في الحياة الدنيوية، وقد تركت هذه المدرسة بصماتٍ واضحةً في شخصية المؤلف وسلوكه. وقد تحدث المؤلف عن اجتهاده زمن الطلب فقال: " كنتُ في أيام الصغر أقرأُ على خالي طاهر بن الحسين في «فتح الجَوَادِ شرح الإِرْشَاد» وأطالع عليه بقية شروحه المجتمعة عندي «كالإِمْداد» و«الإِسْعاد» و«التمشِيَة» وغيرها مع «التُّحفة» و«النهاية» و«المُغْنِي» وغيرها، وكنت أحفظ جميع ما يقرره ويتكلم به خالي طاهر في المدرس، في قراءتي وقراءة غيري من الطلبة وكنت أُدِيمُ المطالعةَ في الليل حتى اَسْتَوعِب الليلَ فيها، وقد تجيءُ بعض الأحيان الوالدةُ - رحمها الله - فتأخذ السراجَ من عندي قهرًا شفقةً منها عليَّ من كثرةِ السهرِ ومواصلتِهِ " (١)،
وكان له في صغره مجاهدات، فكان كثير الصلاة يطيلها، مواظبًا على قيام الليل (٢).
_________
(١) عقيل. تذكرة الأحياء. مخطوط. وينظر: (عيدروس بن عمر. عقد اليواقيت الجوهرية .. ١/ ١٢٨).
(٢) ينظر: عقيل. تذكرة الأحياء. مخطوط.
1 / 10
شيوخه
سمى المؤلفُ الكثيرَ من شيوخهِ (١) ومن هؤلاء المشايخ: والدِهِ، وخالَيْهِ طاهرٍ وعبدِ الله ابني حسين بن طاهر (في المَسِيْلَة) (٢)، والعلامتين عمر وعلوي ابني أحمد بن حسن ابن العلامة عبد الله بن علوي الحَداد، والعلامة عبد الله بن أبي بكر بن سالم عَيْدِيْد (في تَريم)، والعلامة علوي بن سقاف بن محمد السقاف الصَّافي (في سَيئون)، والعلامة عبد الرحمن بن حامد بن عمر، والعلامة أحمد بن عمر بن سُمَيط (٣)، والعلامة سقاف بن
_________
(١) ينظر: إجازة المؤلف للسيد الحسين بن عبد الرحمن الجفري. وقد تسنى لنا الاطلاع على النسخة الأصلية من الإجازة، وهي بخط المؤلف محفوظة في مكتبة الأحقاف للمخطوطات (مخ: ٢٧٠٢). وينظر: عيدروس بن عمر. عقد اليواقيت الجوهرية. ١/ ١٢٨ و١٢٩.
(٢) العلامة عبد الله بن حسين بن طاهر العلوي الحضرمي، خال المؤلف ولد سنة ١١٩١هـ وتوفي بالمسيلة سنة ١٢٧٢هـ. (ينظر: عيدروس بن عمر. عقد اليواقيت الجوهرية. (١/ ١٠٢).
(٣) العلامة أحمد بن عمر بن سميط ولد بتريم ثم انتقل مع والده إلى شبام توفي سنة ١٢٥٨هـ.
1 / 11
محمد الجِفْرِي (في تَرِيْس)، وسيد وادي حضرموت في زمانه (١) العلامة الحسن بن صالح البحر الجِفْرِي في (ذِي صَبَح) (٢)، والعلامة الحسين بن حسن بن أحمد العيدروس (في الريضة)، والعلامة عبد الله بن أحمد باسَودَان (في دُوعَن) (٣)، وعن العلامة حسن بن عبد الله العَمُودِي، والعلامة محمد بن سالم الجِفْري (ساكن قَسَم)، وعن العلامة علوي بن محمد بن سَهل (ساكن مليبار) (٤)،
_________
(١) ينظر: ابن عبيد الله السقاف. إدام القوت ص ٧١٤.
(٢) العلامة حسن بن صالح بن عيدروس البحر الجفري العلوي الحضرمي ولد في (خَلع راشد) قرب (الحوطة) سنة ١١٩١هـ وتوفي بقرية (ذي صَبح) سنة ١٢٧٣هـ. (ينظر: عيدروس بن عمر. عقد اليواقيت الجوهرية. ١/ ٩٨).
(٣) العلامة عبد الله بن أحمد بن عبد الله باسودان ولد سنة ١١٧٨هـ ببلدة (الخريبة) وتوفي بها سنة ١٢٦٦هـ. (ينظر: عيدروس بن عمر. عقد اليواقيت الجوهرية. (٢/ ٣٢».
(٤) العلامة الداعية علوي بن محمد بن سَهْل ولد بتريم سنة ١١٦٦هـ ورحل إلى الهند واستقر بمدينة (مليبار) وتوفي بالهند سنة ١٢٦٠هـ. (ينظر: عبد الرحمن المشهور. شمس الظهيرة. (١/ ٣٠٨».
1 / 12
وعن العلامة عبد الله بن سَعْد بن سُمِير (١)، وأخذ (في مكة) عن العلامة عقيل بن عمر بن يَحْيى، وعن العلامة عمر بن عبد الكريم بن عبد الرسول العطَّار (٢)،
وفي (زبيد) أخذ عن العلامة عبد الرحمن بن سليمان الأَهْدل (٣)، والعلامة يوسف بن محمد البطَّاح الأهدل (٤).
_________
(١) العلامة عبد الله بن سعد بن سُمير ولد بقرية ذي صبح سنة ١١٨٥هـ وتوفي في الحوطة سنة ١٢٦٢هـ (ينظر: عبد الله السقاف. تاريخ الشعراء الحضرميين. ص ٣/ ١٢٢).
(٢) العلامة عمر بن عبد الكريم بن عبد الرسول العطَّار المكي الشافعي المحدث (١٢٤٩هـ) له: «ثبت صغير». (ينظر: الكتاني. فهرس الفهارس. (٢/ ٧٩٦) رقم ٤٤٥) و(كحالة. معجم المؤلفين. (٧/ ٢٩٣» ..
(٣) العلامة عبد الرحمن بن سليمان بن يحيى بن عمر مقبول الأهدل الحسني الشافعي المؤرخ (١١٧٩هـ - ١٢٥٠هـ) له: «النفس اليماني والروح الريحاني في إجازة القضاة بني الشوكاني» و«فرائد الفوائد» وغيرها (ينظر: الكتاني. فهرس الفهارس. ٢/ ٦٩٥ والزركلي. الأعلام. (٣/ ٣٠٧).
(٤) العلامة يوسف بن محمد بن يحيى البطاح الأهدل الزبيدي اليمني الشافعي (ت ١٢٤٦هـ)، فقيه له: «أحكام التقليد» و«شرح منسك الونائي» و«شرح الزبد» وغيرها. (ينظر: عبد الله الحبشي. مصادر الفكر الإسلامي في اليمن. ص ٨٣).
1 / 13
وله غير هؤلاء من الشيوخ من أهل حضرموت واليمن والحرمين ومصر. وقد تلقَّى عن هؤلاء الشيوخ علم التفسير والحديث والفقه والتصوف وعلوم الآلة. وإلى جانب تلقِّيه عن هؤلاء الشيوخ الأجلاء، كان شغوفًا بالكتاب حريصًا على اقتناءِه كثيرَ القراءة (١) دائمَ المطالعةِ (٢)، وقد مكَّنتهُ كثرةُ قراءته من تجاوزِ قيودِ عصره وبُعد موطنه والعوم بمهارة في بحور العلوم المختلفة، من تفسير وحديث
_________
(١) من شغفه بالقراءة يُروى أن بعضهم وضع له في طريقه إلى غرفة عُرسه ليلة زفافه كتابًا كان يبحث عنه، فما كان منه إلا أن اصطحب الكتاب إلى غرفته حيث تنتظره فيها عروسُه، وهناك اشتغل بمطالعته الكتاب الذي أَسَرَهُ مُحتواه عن عروسه. (ينظر: علوي بن شهاب. كلام الحبيب علوي. ص ٣٧٢).
(٢) ويصف عقيل ابن المؤلف شغف أبيه بالقراءة وتعلقه بالكتاب قائلًا: " كان لا ينفك عن مطالعة الكتب، فمجلسه في بيته تلفه الكتب المرصوصة، وتَتبعه أحمال الكتب في أسفاره، لا يفارقها في حله وترحاله، وكان يقول: إن شَوقَه لها يعدل شوقه لأبنائه ". (ينظر: عقيل. تذكرة الأحياء. مخطوط).
1 / 14
وفقه وفلك ولغة. ويَشْهدُ على سعةِ اطلاعهِ كثرةُ مراجعهِ وتنوعها، فمراجع هذه النُّبذة اللطيفة التي بين أيدينا تجاوزت المائة مرجعًا. وقد خلَّف وراءَه مكتبةً عظيمةً من المخطوطاتِ، - رغم ما أصابها من ضياعٍ - المحفوظ منها في مكتبة الأحقاف للمخطوطات بتريم يشكِّل أكبر المجموعات المكتبِيَّة التي تكونت منها مكتبة الأحقاف للمخطوطات، كما إن جزءًا من مخطوطات مكتبة المؤلف نُقلت من قصر (المنيصُورة) بتريم (١) إلى مركز النور للدراسات والأبحاث.
_________
(١) قصر (المنيصورة) قصر حفيد المؤلف السيد الثري أحمد بن عمر بن عبد الله بن عمر بن يحيى (١٢٧٧هـ - ١٣٥٧هـ)، له في المواقيت «الأدلة الشرعية والآية السماوية القاطعة للجدال في مسألة الهلال»، ولأبنه عبد الله بن أحمد (١٣٢١هـ - ١٤١٤هـ) الشاعر والأديب سفير المملكة المتوكلية اليمنية مساهمة في علم الفلك بعنوان «رسالة أو عجالة في علم الفلك على الربع المجيب» (ينظر: محمد علو ي. شرف المحيا. ص ٩٩ - ١٢٥).
1 / 15
بعض أقرانه وأصحابه
كانت للمؤلف مصاحبةً للسيدين محسن بن علوي السقاف (١)، ومحمد بن حسين بن عبد الله الحبشي (٢)، والمطالع لمكاتبات وخطابات المؤلف المنثورة والمنظومة يجد أن للمؤلف علاقة حميمة بالسيد أحمد بن محمد المحضار بن الشيخ أبي بكر بن سالم (٣) (صاحب دَوعَن)، والسيد حسين بن عبد الرحمن بن سهل (٤)،
_________
(١) السيد محسن بن علوي بن سقاف السقاف العلوي الحضرمي الوجيه الشاعر (ت ١٢٩٠ هـ) (ينظر: عيدروس بن عمر. عقد اليواقيت. (٢/ ٢ - ١٨».
(٢) العلامة محمد بن حسين بن عبد الله بن شيخ الحبشي العلوي الحضرمي مفتي الشافعية بمكة (ت ١٢٨١هـ). (ينظر: عيدروس بن عمر. عقد اليواقيت. (٢/ ٢٤ - ٢٦).
(٣) العلامة أحمد بن محمد بن علوي المحضار، ولد بقرية الرشيد بدوعن سنة ١٢١٧هـ، وتوفي بالقويرة سنة ١٣٠٤هـ. (عبد الله السقاف. تاريخ الشعراء الحضرميين. (٤/ ٣٨».
(٤) السيد الثري حسين بن عبد الرحمن بن محمد بن سهل، توفي بالشحر سنة ١٢٧٤هـ. (ينظر: عبد الله السقاف. تاريخ الشعراء الحضرميين. (٤/ ٤٥».
1 / 16
والسيد عمر بن علي بن هارون الجُنيد (١)، والسيد علوي بن محمد بن سَهْل، والعلامة أحمد بن عمر بن سميط، والسيد أبي بكر بن محمد المشهور، والشيخ سالم بن عبد الله بن سُمِير، والشيخ عبد الله بن زين بن هادي باسلامة.
مذهبه العقدي والفقهي
يُرغِّب المؤلف في وصاياه على حفظ متون من العقائد كجوهرة التوحيد، والعشرين صفة وأضدادها، وكان يرى في هجرة المهاجر أحمد بن عيسى بن محمد بن علي العُريضي من البصرة إلى حضرموت إنقاذٌ لفرع العترة الطاهرة من الوقوع في مستنقع الرَّفض، ويرى في هذه منَّة على العلويين لجدهم المهاجر أحمد بن عيسى (٢). وكان المؤلف
_________
(١) السيد الثري عمر بن علي بن هارون الجنيد باعلوي ولد بتريم وسافر إلى سنغافورا سنة ١٢٣٩هـ وتوفى بها سنة ١٢٦٩هـ. (الجنيد. العقود العسجدية. ص ١٦٤).
(٢) ينظر: عقيل. تذكرة الأحياء - مخطوط. وَعيدروس بن عمر. عقد اليواقيت الجوهرية. (١/ ١٢٩).
1 / 17
شافعي المذهب كأهل حضرموت، وهو أحد مفتييها البارزين، وكثيرًا ما يُحِيلُ في فتاواه إلى كتب الإمام النووي والشيخ زكريا الأنصاري وابن حجر الهيتمي، وكان يقول: " كلُّ مؤمن يلزمه أن يكون تحت إشارة الشرع كالميت بين يدي الغاسل، يعزل عن إشارة الشرع رأيه ورأي كل عاقل " (١). ويقول أيضًا: " الخير كله في الإتباع، والشر كله في الابتداع. " (٢)، وكان له عناية بكتب السلوك ويوصي بقراءة «بداية الهداية» و«الإحياء» للغزالي، وكتب العلامة عبد الله بن علوي الحداد مثل: «النصائح الدينية» و«رسالة المذاكرة والمعاونة».
وكان عظيم المحبة لأهل البيت النبوي خاصة آل أبي علوي، مجتهدًا في ضبط وحفظ أنسابهم وسيرهم داعيًا لطريقتهم. (٣)
_________
(١) عقيل. تذكرة الأحياء - مخطوط.
(٢) عقيل. تذكرة الأحياء - مخطوط.
(٣) ينظر: عقيل. تذكرة الأحياء - مخطوط عيدروس بن عمر. عقد اليواقيت الجوهرية. (١/ ١٢٩ - ١٣٠).
1 / 18
طرفٌ من سيرته
عاصر المؤلف في مطلع حياته الفوضى السياسية التي شهدتها حضرموت، حتى قسمت أحياء مدينة تريم بين سلاطين قبيلة يافع المتصارعين على حكم المدينة، وخاف الناس على أموالهم وأعراضهم، وتعطلت مصالحهم، وكان لا بد من سعي أهل الحل والعقد للخروج من هذه الفتنة، بإقامة دولة قوية توحِّد البلاد وتضْمن أَمْنها واستقرارَها، وكان من عادة العلويين النَّأْي بأنفسهم عن طلب الحُكم لأنفسهم، ولكن مع ازدياد الأوضاع سوءًا وضعف النَّد القبلي الذي يمكن أن يواجه قبائل يافع المتشرذمة والمُتَسلطة، كان خروجًا غير مألوف للعلويين بقيادة العلامة طاهر بن حسين بن طاهر (خال المؤلف)، فدعا المؤلف لمبايعة خاله أميرًا للمؤمنين على حضرموت عام ١٢٢٤هـ، وكان للمؤلف رغم حداثة سنة مشاركة فاعلة، وقد لمع اسمه بين قادة هذه الثورة، وهو من الموقعين على أول اتفاقية بين العلامة طاهر والسادة العلويين الحضارم الذين بايعوه على المؤازرة في
1 / 19