Scenes from the Lives of the Companions

Abd al-Rahman Ra'fat al-Basha d. 1406 AH
37

Scenes from the Lives of the Companions

صور من حياة الصحابة

ناشر

دار الأدب الاسلامي

شماره نسخه

الأولى

فَفِي السَّنَةِ التَّاسِعَةَ عَشْرَةً لِلْهِجْرَةِ بَعَثَ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ جَيْشاً لِحَرْبِ الرُّومِ فِيهِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ ... وَكَانَ ((قَيْصَرُ)) عَظِيمُ الرُّومِ قَدْ تَنَاهَتْ(١) إِلَيْهِ أَخْبَارُ جُنْدِ الْمُسْلِمِينَ وَمَا يَتَحَلَّوْنَ(٢) بِهِ مِنْ صِدْقِ الإِيمَانِ، وَرُسُوخِ العَقِيدَةِ، وَاسْتِرْخَاصِ النّفْسِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ.

فَأَمَرَ رِجَالَهُ - إِذَا ظَفِرُوا بِأَسِيرٍ مِنْ أَسْرَى الْمُسْلِمِينَ - أَنْ يُقْدِمُوا عَلَيْهِ، وَأَنْ يَأْتُوهُ بِهِ حَيًّا ... وَشَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقَعَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ أَسِيراً فِي أَيْدِي الرُّومِ؛ فَحَمَلُوهُ إِلَى مَلِيكِهِمْ وَقَالُوا: إِنَّ هَذَا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ السَّابِقِينَ إِلَى دِينِهِ قَدْ وَقَعَ أَسِيراً فِي أَيْدِينَا؛ فَأتيناك بِهِ.

نَظَرَ مَلِكُ الرُّومِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ طَوِيلاً ثُمَّ بَادَرَهُ قَائِلاً:

إِنِّي أَعْرِضُ عَلَيْكَ أَمْراً.

قَالَ: وَمَا هُوَ؟.

فَقَالَ: أَعْرِضُ عَلَيْكَ أَنْ تَتَنَصَّرَ ... فَإِنْ فَعَلْتَ؛ خَلَّيْتُ سَبِيلَكَ، وَأَكْرَمْتُ مَثْوَاكَ.

فَقَالَ الأَسِيرُ فِي أَنَفَةٍ وَحَزْمٍ: هَيْهَاتَ. إِنَّ المَوْتَ لَأَحَبُّ إِلَيَّ أَلْفَ مَرَّةٍ مِمَّا تَدْعُونِي إِلَيْهِ.

فَقَالَ قَيْصَرُ: إِنِّي لَأَرَاكَ رَجُلاً شَهْماً ... فَإِنْ أَجَبْتَنِي إِلَى مَا أَعْرِضُهُ عَلَيْكَ أَشْرَكْتُكَ فِي أَمْرِي وَقَاسَمْتُكَ سُلْطَانِي.

فَتَبَسَّمَ الأَسِيرُ المُكَبَّلُ(٣) بِقُيُودِهِ وَقَالَ:

(١) تناهَتْ إِليه: بلغته.

(٢) يتحلّوْن به: يَتَّصِفون به.

(٣) المكبل: المقيّد.

41