Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
ناشر
دار الأدب الاسلامي
شماره نسخه
الأولى
ژانرها
قَالَ الطُّفَيْلُ:
ثُمَّ أَقَمْتُ فِي مَكَّةَ زَمَناً تَعَلَّمْتُ فِيهِ أُمُورَ الإِسْلَامِ وَحَفِظْتُ فِيهِ مَا تَيَسَّرَ لِي مِنَ القُرْآنِ، وَلَمَّا عَزَمْتُ عَلَى العَوْدَةِ إِلَى قَوْمِي قُلْتُ:
يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي امْرُؤٌ مُطَاعٌ فِي عَشِيرَتِي، وَأَنَا رَاجِعٌ إِلَيْهِمْ وَدَاعِيهِمْ إِلَى الإِسْلَامِ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَ لِي آيَةً تَكُونُ لِي عَوْناً فِيمَا أَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ:
(اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَهُ آيَةً).
فَخَرَجْتُ إِلَى قَوْمِي حَتَّى إِذَا كُنْتُ فِي مَوْضِعٍ مُشْرِفٍ عَلَى مَنَازِلِهِمْ وَقَعَ نُورٌ فِيمَا بَيْنَ عَيْنَيَّ مِثْلُ المِصْبَاحِ، فَقُلْتُ:
اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ فِي غَيْرِ وَجْهِي، فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَظُنُّوا أَنَّهَا عُقُوبَةٌ وَقَعَتْ فِي وَجْهِي لِمُفَارَقَةِ دِينِهِمْ ... فَتَحَوَّلَ النُّورُ فَوَقَعَ فِي رَأْسِ سَوْطِي(١)، فَجَعَلَ النَّاسُ يَرَاءَوْنَ ذَلِكَ النُّورَ فِي سَوْطِي كَالْقِنْدِيلِ(٢) المُعَلَّقِ، وَأَنَا أَهْبِطُ إِلَيْهِمْ مِنَ الثَّنِيَّةِ(٣) فَلَمَّا نَزَلْتُ، أَتَانِي أَبِي - وَكَانَ شَيْخاً كَبِيراً - فَقُلْتُ:
إِلَيْكَ عَنِّي يَا أَبَتِ، فَلَسْتُ مِنْكَ وَلَسْتَ مِنِّي.
قَالَ: وَلِمَ يَا بُنَيَّ؟! ... قُلْتُ:
لَقَدْ أَسْلَمْتُ، وَتَابَعْتُ دِينَ مُحَمَّدٍ ﷺ.
قَالَ: أَيْ بُنَيَّ، دِينِي دِينُكَ، فَقُلْتُ:
اذْهَبْ وَاغْتَسِلْ وَطَهِّرْ ثِيَابَكَ، ثُمَّ تَعَالَ حَتَّى أُعَلِّمَكَ مَا عُلِّمْتُ.
فَذَهَبَ فَاغْتَسَلَ وَطَهَّرَ ثِيَابَهُ، ثُمَّ جَاءَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ الإِسْلَامَ فَأَسْلَمَ.
ثُمَّ جَاءَتْ زَوْجَتِي، فَقُلْتُ:
(١) السوط: ما يُضْرَبُ به من جِلْدٍ مضفورٍ ونحوه.
(٢) القنديل: المصباح.
(٣) الثنية: العقبة وهي الفرجة بين جبلين.
29