Scenes from the Lives of the Companions
صور من حياة الصحابة
ناشر
دار الأدب الاسلامي
شماره نسخه
الأولى
ژانرها
سَعِيدُ بْنُ عَامِرِ الجُمَحِيُّ
((سَعِيدُ بْنُ عَامِرِ رجل اشترى الآخرة بالدنيا وأثر الله ورسوله على سواهما))
كَانَ الفَتَّى سَعِيدُ بْنُ عَامِرِ الجُمَحِيُّ، وَاحِداً مِنَ الآلافِ المُؤَلِّفَةِ، الَّذِينَ خَرَجُوا إِلَى مِنْطَقَةِ ((التَّعِيمِ)) فِي ظَاهِرِ مَكَّةَ بِدَعْوَةٍ مِنْ زُعَمَاءِ قُرَيْشٍ، لِيَشْهَدُوا مَصْرَعَ ((خُبَيْبٍ بْنِ عَدِيٍّ)) أَحَدِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ بَعْدَ أَنْ ظَفِرُوا بِهِ غَدْراً.
وَقَدْ مَكَّنَهُ شَبَابُهُ المَوْفُورُ وَقُوَّتُهُ المُتَدَفِّقَةُ مِنْ أَنْ يُزَاحِمَ النَّاسَ بِالمَنَاكِبِ، حَتَّى حَاذَى شُيُوخَ قُرَيْشٍ مِنْ أَمْثَالِ أَبِي سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَصَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّةَ، وَغَيْرِهِمَا مِمَّنْ يَتَصَدَّرُونَ المَوْكِبَ.
وَقَدْ أَتَاحَ لَهُ ذَلِكَ أَنْ يَرَى أَسِيرَ قُرَيْشٍ مُكَبَّلًا(١) بِقُيُودِهِ، وَأَكُفُ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالشُّبَّانِ تَدْفَعُهُ إِلَى سَاحَةِ المَوْتِ دَفْعاً، لِيَنْتَقِمُوا مِنْ مُحَمَّدٍ فِي شَخْصِهِ، وَلِيَثْأَرُوا لِقَتْلَاهُمْ فِي ((بَدْرٍ)) بِقَتْلِهِ.
* * *
وَلَمَّا وَصَلَتْ هَذِهِ الجُمُوعُ الحَاشِدَةُ بِأَسِيرِهَا إِلَى المَكَانِ المُعَدِّ لِقَتْلِهِ، وَقَفَ الفَتَى سَعِيدُ بْنُ عَامِرٍ الجُمَحِيُّ بِقَامَتِهِ المَمْدُودَةِ يُطِلُّ عَلَى خُبَيْبٍ، وَهُوَ يُقَدَّمُ إِلَى خَشَبَةِ الصَّلْبِ، وَسَمِعَ صَوْتَهُ الثَّابِتَ الهَادِئَ مِنْ خِلَالِ صِيَاحِ النِّسْوَةِ وَالصِّبْيَانِ وَهُوَ يَقُولُ:
إِنْ شِئْتُمْ أَنْ تَتْرُكُونِي أَرْكَعُ رَكْعَتَيْنِ قَبْلَ مَصْرَعِي فَافْعَلُوا ...
(١) المكبل: المقيد.
17