129

Scenes from the Lives of the Companions

صور من حياة الصحابة

ناشر

دار الأدب الاسلامي

شماره نسخه

الأولى

الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَاءَ بِكَ مِنْ سَهْلِكَ وَجَبَلِكَ، وَرَقَّقَ قَلْبَكَ لِلإِسْلَامِ

فَعُرِفَ بَعْدَ ذَلِكَ بِزَيْدِ الخَيْرِ ...

ثُمَّ مَضَى بِهِ الرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَى مَنْزِلِهِ، وَمَعَهُ عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ وَلَفِيفٌ (١) مِنَ الصَّحَابَةِ، فَلَمَّا بَلَغُوا البَيْتَ طَرَحَ الرَّسُولُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ لِزَيْدٍ مُتَّكَأً، فَعَظُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَّكِئَ فِي حَضْرَةِ الرَّسُولِ صلى الله عَلَيْهِ وسلم وَرَدَّ المُتَّكَأَ، وَمَا زَالَ يُعِيدُهُ الرَّسُولُ صلى الله عَلَيْهِ وسلم لَهُ وَهُوَ يَرُدُّهُ ثَلَاثاً.

وَلَمَّا اسْتَقَرَّ بِهِمْ المَجْلِسُ قَالَ الرَّسُولُ صلى الله عَلَيْهِ وسلم لِزَيْدِ الخَيْرِ:

(يَا زَيْدُ، مَا وُصِفَ لِي رَجُلٌ قَطْ ثُمَّ رَأَيْتُهُ إِلَّا كَانَ دُونَ مَا وُصِفَ بِهِ إِلَّا أَنْتَ) ... ثُمَّ قَالَ لَهُ: (كَيْفَ أَصْبَحْتَ يَا زَيْدُ).

قَالَ زَيْدٌ: أَصْبَحْتُ أُحِبُّ الخَيْرَ وَأَهْلَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ بِهِ ...

فَإِنْ عَمِلْتُ بِهِ أَيْقَنْتُ بِثَوَابِهِ، وَإِنْ فَاتَنِي مِنْهُ شَيْءٌ حَنَنْتُ إِلَيْهِ.

فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: (هَذِهِ عَلَامَةُ اللَّهِ فِيمَنْ يُرِيدُ ... ).

فَقَالَ زَيْدٌ: الحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَنِي عَلَى مَا يُرِيدُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ...

ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عَلَيْهِ وسلم وَقَالَ لَهُ:

أَعْطِنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَلَاثَمِائَةَ فَارِسٍ، وَأَنَا كَفِيلٌ لَكَ بِأَنْ أَغِيرَ بِهِمْ عَلَى بِلادِ ((الرُّومِ)) وَآتِيَكَ مِنْهُمْ.

فَأَكْبَرَ الرَّسُولُ الكَرِيمُ صلى الله عليه وسلم هِمَّتَهُ هَذِهِ، وَقَالَ لَهُ:

(لِلَّهِ دَرُّكَ (٢) يَا زَيْدُ .. أَيُّ رَجُلٍ أَنْتَ ؟!).

(٢) لله درك: كلمة تقال للإعجاب، ومعناها: ما أكثر خيرك.

(١) لفيفٌ: جمعٌ.

133