56

سرور نفس

سرور النفس بمدارك الحواس الخمس

پژوهشگر

إحسان عباس

ناشر

المؤسسة العربية للدراسات والنشر - بناية برج الكارلتون - ساقية الجنزير ت: 312156 - 319586 - برقيا موكيالي - بيروت ص. ب: 11/ 5460 بيروت-لبنان

شماره نسخه

1، 1980

الباب الثالث

فى الاصطباح ومدحه وذم شرب الليل وايقاظ النديم للاصطباح

164 -

لما كانت محاسن الأشجار، وما تشتمل عليه من الأزهار، وما يتخللها من الجداول والأنهار، إنما تظهر للأبصار بالنهار. وكان في ضيائه أنس القلوب وتنفيس الكروب، وانتشار الحرارة الغريزية في الأبدان، ونزهة العيون في محاسن الألوان، كان الشرب فيه تجاه الرياض المشرقة، وتحت ظلال البساتين المونقة، وعلى حافات البرك والأنهار المتدفقة، ألذ من الشرب في الليل الحائل بين الناظر وبين إدراك حسن المناظر إلا أن ذلك مقصور على فصل الربيع لتزين الأرض بأنواع الزخارف، ولما تلبسه من خضر المطارف، حتى تبدي لمبصرها من أزهارها ما هو أبهى من الجوهر، ويهدي أرجها ما هو أطيب من المسك الأذفر، ففي هذا الفصل خاصة ينبغي لمن ألانت له الدنيا أعطافها، ومهدت له أكنافها، وأدرت عليه النعم أخلافها، أن يغتنم صبوحه قبل الشروق، ويواصل قائلته بالغبوق. فأما العرب (1) ومن هو في طبقتهم فإنما آثروا الصبوح فرارا من العواذل على الخلاعة، ليسبقوا من يعذلهم قبل أن يغدو عليهم، لأن من شأن العواذل أن يبكروا على من يريدون عذله على الشرب في أمسه، لأن ذلك وقت صحوة وإفاقة، فاستعملوا الاصطباح ليسابقوا عذالهم بمباكرة صبوحهم، قال عدي بن زيد (2) :

بكر العاذلون في وضح الصب ... ح يقولون لي ألا تستفيق

صفحه ۵۷