فدلَّ هذان الحديثان على فضيلة التنفُّل يوم الجمعة قبل الزوال، ودخل في إطلاقها حالُ الاستواء يوم الجمعة، ولكنه معارض بعموم أحاديث النهي.
وقد يُرجَّحُ الجواز بحديثين ضعيفين، روى أحدَهما الشافعيُّ (^١) عن أبي هريرة، ولفظه: «أن رسول الله ﵌ نهى عن الصلاةِ نصفَ النهار حتى تزول الشمسُ إلا يومَ الجمعة».
وأخرجَ الآخرَ أبو داود (^٢) بإسناده إلى أبي الخليل عن أبي قتادة عن النَّبي ﵌: أنّه كَرِه الصلاةَ نصفَ النّهار إلَّا يومَ الجمعة، وقال: «إنَّ جهنّم تُسْجَرُ إلا يومَ الجمعة».
قال أبو داود: وهو مرسل، مجاهد أكبر من أبي الخليل، وأبو الخليل لم يسمع من أبي قتادة.
وفي إسناده: ليث بن أبي سليم، ضعيفٌ لا يُحتجُّ به.
[ص ٢] وأنت خبيرٌ أنَّ كِلا الحديثين لا يُحتجُّ به.
وقد ذكر الإمام الشافعيُّ كما في «الأم» الحديثَ المذكور، ثم أعقبَه بآثارٍ عن عمل الصحابة في زمن عمر ﵁، ثم قال (^٣): «فإذا رَاحَ النَّاسُ للجمعة صَلَّوا حتى يصير الإمام على المنبر، فإذا صَارَ على المنبرِ كفَّ
(^١) في كتاب «الأم» (٢/ ٣٩٧). وفي إسناده إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة، وقد اتفقوا على ضعفه. وشيخ الشافعي إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى متروك.
(^٢) رقم (١٠٨٣).
(^٣) (٢/ ٣٩٨).