صندوق دنیا
صندوق الدنيا
ژانرها
قال: «كلا. كلا. ولا هذا.»
قال الرئيس وقد ضجر: «إذن أعصابك متعبة استرح بضعة أيام.» ولكنه لم يسترح، وحاول بعد هذا الحديث أن يكتب فصار يمزق ورقة بعد أخرى ولا يزيد على سطر في واحدة منها. فوضع القلم يائسا وقال ما أظنني أستطيع أن أكتب شيئا بعد هذا، وراح يعجب كيف كان يؤاتيه الكلام وكيف صار يستعصي عليه الآن، أسلوب؟ فن؟ ماذا يعني؟ إن كل ما يعرفه أنه كان يتناول القلم ويجريه على الورقة، وكانت الألفاظ تسعفه ولم يكن يجد عناء في تخيرها، بل لم يكن يتخير أو ينتقي، فما له الآن لا يقدر أن يخط حرفا؟
وتناول طائفة من أعداد الجريدة وجعل يقرأ مقالاته من جديد لعله يقع على ما فيها من الفن ويتبين ذلك الأسلوب الذي يذكرونه، فلم يهتد إلى أسلوب أو فن، وألقى الصحف ونهض عن المكتب واستأذن في الخروج، وقد أيقن أن مستقبله في الصحافة قد قضي عليه. •••
وبعد بضعة أسابيع دعاه رئيس التحرير وطلب منه أن يتحرى مسألة من المسائل. فقال: «أرجو أن تدع لي مفاتيح المكتبة.»
فذهل رئيس التحرير وقال: «المكتبة؟ أو تحسب أن هذا مما يوجد في الكتب؟»
فسأل: «أين إذن أجده؟»
قال: «لو أمهلتني لما أحوجتني إلى هذا.» وشرح له الموضوع ثم قال: «فعليك الآن أن تقابل وزير الخارجية في مكتبه.»
فسأل: «متى أستطيع ذلك؟»
فضجر الرئيس وقال: «لا تكن طفلا يا «م » ...»
وفي صباح اليوم التالي ركب سيارة حملته إلى الوزارة المقصودة، فلما دخل لم يدر إلى أين يذهب ولا إلى أي ناحية يقصد، ووقف لحظة يدير عينه في البناء ويرجو أن يلقى أحدا تكون له به معرفة، ولما طال الأمر راح يتمشى، ثم خشي أن يضيع الوقت فعاد إلى الجندي الواقف بباب الوزارة وقال: هل تستطيع أن تدلني على غرفة صاحب المعالي الوزير؟
صفحه نامشخص