87

سنن الدارمي

سنن الدارمي - ت زمرلي والعلمي

پژوهشگر

الدكتور/ مرزوق بن هياس آل مرزوق الزهراني

ناشر

(بدون ناشر) (طُبع على نفقة رجل الأعمال الشيخ جمعان بن حسن الزهراني)

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م

الدَّبَرِ يُحْتَازُ دُونَهُمْ طَيِّبَاتُ الدُّنْيَا وَرَخَاءُ عَيْشِهَا، لَا يَسْأَلُونَ اللَّهَ جَمَاعَةً، وَلَا يَتْلُونَ لَهُ كِتَابًا، مَيِّتُهُمْ فِي النَّارِ، وَحَيُّهُمْ أَعْمَى نَجِسٌ، مَعَ مَا لَا يُحْصَى مِنَ الْمَرْغُوبِ عَنْهُ، وَالْمَزْهُودِ فِيهِ، فَلَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَنْشُرَ عَلَيْهِمْ رَحْمَتَهُ بَعَثَ إِلَيْهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ، حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ، (١) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ، وَعَلَيْهِ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، فَلَمْ يَمْنَعْهُمْ ذَلِكَ أَنْ جَرَحُوهُ فِي جِسْمِهِ (٢) وَلَقَّبُوهُ في اسْمِهِ، وَمَعَهُ كِتَابٌ مِنَ اللَّهِ نَاطِقٌ، لَا يُقَدَّمُ إِلَاّ بِأَمْرِهِ، وَلَا يُرْحَلُ إِلَاّ بِإِذْنِهِ، فَلَمَّا أُمِرَ بِالْعَزْمَةِ، وَحُمِلَ عَلَى الْجِهَادِ، انْبَسَطَ لأَمْرِ اللَّهِ لَوَثُهُ (٣)، فَأَفْلَجَ (٤) اللَّهُ حُجَّتَهُ، وَأَجَازَ كَلِمَتَهُ، وَأَظْهَرَ دَعْوَتَهُ، وَفَارَقَ الدُّنْيَا تَقِيًّا نَقِيًّا، ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ أَبُو بَكْرٍ فَسَلَكَ سُنَّتَهُ وَأَخَذَ سَبِيلَهُ، وَارْتَدَّتِ الْعَرَبُ* أَوْ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، فَأَبَى أَنْ يَقْبَلَ مِنْهُمْ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ إِلَاّ الَّذِي كَانَ قَابِلًا، انْتَزَعَ السُّيُوفَ مِنْ أَغْمَادِهَا، وَأَوْقَدَ النِّيرَانَ فِي شُعُلِهَا، ثُمَّ رَكِبَ بِأَهْلِ الْحَقِّ أَهْلَ الْبَاطِلِ، فَلَمْ يَبْرَحْ يُقَطِّعُ أَوْصَالَهُمْ، وَيَسْقِى الأَرْضَ دِمَاءَهُمْ، حَتَّى أَدْخَلَهُمْ فِي الَّذِي خَرَجُوا مِنْهُ، وَقَرَّرَهُمْ بِالَّذِي نَفَرُوا عَنْهُ، وَقَدْ كَانَ أَصَابَ مِنْ مَالِ اللَّهِ بَكْرًا يَرْتَوِي عَلَيْهِ وَحَبَشِيَّةً أَرْضَعَتْ وَلَدًا لَهُ، فَرَأَى* ذَلِكَ عِنْدَ مَوْتِهِ غُصَّةً فِي حَلْقِهِ فَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى الْخَلِيفَةِ مِنْ بَعْدِهِ، وَفَارَقَ الدُّنْيَا تَقِيًّا نَقِيًّا عَلَى مِنْهَاجِ صَاحِبِهِ، ثُمَّ قَامَ بَعْدَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَمَصَّرَ الأَمْصَارَ، وَخَلَطَ الشِّدَّةَ بِاللِّينِ، وَحَسَرَ عَنْ ذِرَاعَيْهِ وَشَمَّرَ عَنْ سَاقَيْهِ، وَأَعَدَّ (٥) لِلأُمُورِ أَقْرَانَهَا وَلِلْحَرْبِ آلَتَهَا، فَلَمَّا أَصَابَهُ قَيْنُ (٦) الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ أَمَرَ ابْنَ عَبَّاسٍ يَسْأَلُ النَّاسَ هَلْ يُثْبِتُونَ قَاتِلَهُ؟ فَلَمَّا قِيلَ: قَيْنُ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ اسْتَهَلَّ يَحْمَدُ رَبَّهُ أَنْ لَا يَكُونَ

ك ٢١/أ. (١) مقتبس من الآية (١٢٨) من سورة التوبة. * ك ١٤/أ. (٢) علق في هامش (ك) نفسه، وكتب صح. (٣) أي ماكان ملتفا مطويا. قال في (الصحاح ٢/ ٤٦١) لاث العمامة على رأسه، يلوثها لوثا، أي عصبها وانظر (النهاية ٤/ ٢٧٥). (٤) أي قومها وأظهرها، انظر: (الصحاح ٢/ ٢٥٦). * ك ٢١/ب. * ك ١٤/أ. (٥) العبد، والأمة: قينة. * ك ١٤/أ. (٦) العبد، والأمة: قينة.

1 / 87