سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر
سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر
أتاني من نادى علاك خريدة ... تضمن معناها الحريري بما روى
تخبر عن صب ضنين بظبية ... محجبة تحكى غزالًا بذي طوى
فحسبك دين الحب دينًا فإنه ... ترقى بأرباب القلوب عن السوى
ولا تبتئس من قول لاح ولائم ... لعمرك ما ضل المحب وما غوى
إليك عماد الدين عقدًا يصوغه ... هوى لكم بين الجوانح قد ثوى
ودم وابق واسلم ما ترنم طائر ... وما زمزم الحادي بمنعرج اللوى
وقوله مراجعًا له أيضًا عن أبيات أرسلها إليه
خليلي هل رند الحجاز على علمي ... وهل ربرب الوادي مقيم على السلم
وهل أثلات الواديين أنيقة ... تعهدها الغزلان غب الحيا الوسمي
وهل ربرب الربع الجنوبي ثابت ... على ما مضى أم قد تمادي على الصرم
رعى الله هاتيك المنازل إنها ... وإن بعدت شوقي إليها انتضى عزمي
معاهد أنس كلما عنّ ذكرها ... لقلبي ترى عيني مدامعها تهمي
فما ساعدت ورق الحمام أخالسي ... ولا روحت ريح الصبا عن أخي همّ
فيا مربع الترحال قل لابن أحمد ... ربيب العلى يحيى وترب الندى المسمي
أتاني من نادي علاك رسالة ... نفثت بها كلمي وزدت بها سقمي
تضمن من خمسين يومًا شكاية ... فيما الحب إلا ما يمض وما يمصي
فكيف بمن قاسى سنينًا من النوى ... وراح من الهجران جلدًا على عظم
فأحلى الهوى ما عزمته وعذبه ... منادمة الأحباب من بارد الظلم
ودم وابق يا نجل الملوك معظمًا ... ولا زلت كنزًا للمكارم والحزم
وكتبت أنا إليه معاتبًا
أناسٍ عفيف الدين أم أنت ذاكر ... عهودًا سقتهن العهاد البواكر
ومثلك من لم ينس عهدًا وإنما ... هو الدهر لا بلفى على الدهر ناصر
وما أنت ممن يخبس الود عنده ... ولكن قضاء أوجبته المقادر
أروم لك العذر الجميل مصححًا ... وفاك وقد كادت تضيق المعاذر
أعيذك أن أمسى لودك عامرًا ... ويصبح ودي وهو عندك داثر
أنا لك أصل في المرؤة طاهر ... وفضل بأنواع الفتوة ظاهر
وإن تنسك الأيام عهدي فإنني ... وحقك للعهد القديم لذاكر
إليك أخا الهيجاء نفثة موجع ... رآك لها أهلًا فهل أنت شاكر
ودم وابق واسلم ما تألق بارق ... وهب نسيم واستهلت مواطر
فراجعني بقوله
أبا حسن قلبي بودك عامر ... ولم يخل من ذكراكم منه خاطر
ولولا مراعاة الزمان وأهله ... لما عاقني بعد ولا صدّ زاجر
ولكن لأحوال الزمان معاذر ... إذا كان هذا الدهر ممن نحاذر
أعيذك لا يخطر ببالك أنني ... سلوت وإن الود عندي داثر
أبى الله لي والمجد من قول قائل ... فلان لميثاق الأحبة غادر
وقد تقبل العذر الخفي تكرمًا ... فما بال عذري واقف وهو سافر
إليك أبا المنصور عذرًا تجمجت ... به نفثات الود وهي حواسر
تجشمها طود العتاب ودونه ... تجشم سمر الخط وهي شواهر
بقيت فإني عن جوابك محجم ... ومعتذر عنه فقل أنا عاذر
وقال مخاطبًا لي عند ورود الخبر بوفاة الوالدة المرحومة
يا أيها العلم الندب الذي شهدت ... بفضله جملة السادات والعلما
ومن تملك رق المكرمات فتى ... وشاد للحكم بيتًا قبل ما احتلما
لا تبتئس من زمان فرّ ناجذه ... وفوق السهم لما أن عدا فرمى
فالدهر حرب وإن أبدى مسالمة ... لم يعط سلمًا ولم يبق امرؤ سلما
1 / 143