سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر
سلافة العصر في محاسن الشعراء بكل مصر
سلكوا من بطن وج سبلًا ... لاعدى صوب الحيا تلك الفجاجا
هم أراقوا بنواهم مدمعي ... وأهاجوا لاعج الوجد فهاجا
كم أداجي في هواهم كاشحًا ... أعجز الكتمان من حب فداجا
وعذولًا يظهر النصح بهم ... فإذا نهنهته زاد لجاجا
طارحتني الورق فيهم شجنًا ... والصبا أوحت شجي والبرق ناجا
يا بُريقًا لاح من نحوهم ... يصدع الجو ضياء وابتلاجا
أنت جددت بتذكراهم ... للحشى وجدا وللطرف اختلاجا
هات فاشرح لي أحاديهم ... إنها كانت لما أشكو علاجا
علّها تبرىء وجدًا كامنًا ... كلما مرت به زاد اهتياجا
خطرت سكري بريًا نشرهم ... وتحلت منهم عقدًا وتاجا
يحسد الروض شذاها سحرًا ... فترى الأغصان سرًّا تتناجا
آه من قوم سقوني في الهوى ... صرف حب لم أذق معه مزاجا
خلفوا جسمي وقلبي معهم ... كيف ما عاجت حداة الركب عاجا
أتراهم علموا كيف دجا ... مربع كانوا لناديه سراجا
أم دروا إنا وردنا بعدهم ... سائغ العذب من البلوى أجاجا
وهم غاية آمالي هم ... سار في الحب بهم ذكري فراجا
لا عراهم حادث الدهر ولا ... برحت أيامهم تبدي ابتهاجا
وعارضت أنا بهذه القصيدة قصيدة شهاب الدين حمد بن عبد المنعم الخثعمي وهي
ظن صحبي أن برق الجزع هاجا ... شجنا كان ببرق الثغر هاجا
غلطوا لست ببرق ماله ... شنب عن ثغر من أهوى مداجا
نعم الريح كساها جوهم ... من شذا طيبهم بُردًا وتاجا
فأنت تبرد بالبرد الجوى ... وسرت تملأ بالطيب الفجاجا
شطت الخرس فما أن خطرت ... بغصون البان ألا تتناجى
وإذا ما جاءت الوادي ضحى ... طرب المنهل والروض فماجا
لم تهيج لي غرامًا لم يكن ... إنما كانت لما عندي مزاجا
إن عندي يا أهيل المنحنا ... شغفًا قد مازج الروح امتزاجا
واشتياقًا كلما أسكنته ... بتعاليل المنى زاد هياجا
لم يزل قلبي كليما بالجوى ... وبسرّ الحب لم يبرج يناجى
اشرب الماء زلالًا فإذا ... عنّ لي ذكر الجفا صار أجاجا
وعذول رابني في نصحه ... كلما زدت أبا زاد لجاجا
ما عذولي قط إلا عاشق ... ستر الغيرة بالعذل وداجا
قال إن الحب داء قل له ... إن هذا الداء لم يقبل علاجا
ما على صاحب رحلي إن دنا ... بي من الجرعاء شيئًا ثم عاجا
وليدعني وثراها إن لي ... ولخدي في ثرى الجرعاء حاجا
يا رعي الله بذياك الحمى ... منزلًا لم أستطع عنه معاجا
وهدى الله إليه عارضًا ... ظل يستهدي من البرق سراجا
إن قلبي فيه مذ راح هوى ... مع ألحاظ الظبا الغادرين ماجا
ومن شعره أيضًا قوله مراجعًا لي عن أبيات كتبتها إليه لغرض عرض
أبا حسن لا زال سعدك غالبًا ... وجدك مسعودًا ونجمك ثاقبا
ولا زالت العلياء تجني ثمارها ... لديك وتحوي في المعالي الأطايبا
أتاني قريض منك قد جر ذيله ... على الأطلس الأعلى وفاق الكواكبا
يشير إلى خل تغير وده ... وأصبح من بعد التصافي محاربا
أبى الله أن يثني عنان وداده ... ولو أمطرت سحب الغوادي قواضيا
ولكنه يا مفخر العرب امرؤ ... تجرع من هذا الزمان مصائبا
فجرد عزمًا للتجافي عن الورى ... وأصبح منحازًا عن الخلق جانبا
1 / 112