فتساءل إبراهيم الفار: أتحسب أن الذي يستطيع أن يعرف أن جده الأول قرد يعجز عن معرفة أن أباه فاسق فاجر؟!
فضحك محمد عفت عاليا حتى سعل، وصمت لحظات ثم قال: الحق أن مظهر كمال خداع؛ رزين هادئ متزمت، خوجة بكل معنى الكلمة ..
فقال علي عبد الرحيم بلهجة الترضية: يا سيدي ربنا يخليه ويطول عمره، ومن شابه أباه فما ظلم ..
فعاد محمد عفت يتساءل: المهم أهو «حلنج» كأبيه؟ .. أعني هل يجيد معاملة النساء والاستحواذ عليهن؟
فقال علي عبد الرحيم: أما هذا فلا أظن! يخيل إلي أنه يظل متقدما برزانته ووقاره حتى يغلق الباب عليه وعلى صاحبة النصيب، ثم يأخذ في نزع ثيابه بنفس الرزانة والوقار، ثم يرتمي عليها، وهو في الغاية من الجد والتجهم، ثم يرتدي ملابسه ويذهب بعين الجد والرزانة كأنما يلقي درسا خطيرا! - يخلق من ظهر الخلنج دهل!
وساءل أحمد عبد الجواد نفسه فيما يشبه السخط: لماذا يبدو لي الأمر غريبا؟! وصمم على أن يتناسى الخبر. ولما رأى الفار يذهب إلى صندوق النرد ويعود به، قال دون تردد إنه آن لهم أن يلعبوا. بيد أن أفكاره ظلت تدور حول الخبر الجديد. وقال لنفسه متعزيا إنه رباه فأحسن تربيته حتى حصل على الشهادة العليا وصار مدرسا محترما فله أن يفعل ما يشاء. ولعله من حسن التوفيق أن يعرف كيف يلهو رغم عوده الرفيع ورأسه وأنفه العظيمين! ولو أنصف الحظ لتزوج كمال منذ سنوات، ولما تزوج ياسين أبدا، ولكن من يدعي القدرة على حل هذه الرموز؟! وإذا بالفار يسأله: متى رأيت زبيدة آخر مرة؟
فأجاب أحمد بعد تذكر: في يناير الماضي. أي منذ عام تقريبا، يوم جاءتني في الدكان لأبيع لها البيت ..
فقال إبراهيم الفار: اشترته جليلة، ثم وقعت المجنونة في حب عربجي كارو فتركها على الحديدة، وهي الآن تقيم بحجرة على سطح بيت سوسن العالمة في حال من الاضمحلال يرثى لها!
فهز أحمد عبد الجواد رأسه في أسف، وتمتم: السلطانة في حجرة فوق السطح! - سبحان من له الدوام.
فقال علي عبد الرحيم: نهاية محزنة، بيد أنها كانت متوقعة ..
صفحه نامشخص