صحف مختارة من الشعر التمثيلي عند اليونان
صحف مختارة من الشعر التمثيلي عند اليونان
ژانرها
حيث تسمع أغاني الإله بان
8
هنالك أرسل أكزرسس شباب الفرس ليضعوا أيديهم في يد من التجأ إليها من اليونان إذا انهزموا، وليعينوا من اضطر إليها من الفرس. لقد كان سيئ القراءة في المستقبل، فما كادت السماء تمنح اليونان الانتصار البحري حتى نزلوا إلى هذه الجزيرة، مسلحين بكل شيء، فأحاطوا بهم من غير أن يتركوا لهم منفذا، وبدءوا فأرسلوا عليهم وابلا من الأحجار والسهام، ثم انقضوا جميعا في وقت واحد عليهم، فأعملوا فيهم السيف، ولم يتركوا منهم واحدا إلا نحروه. وكان أكزرسس قد قام على ربوة بالساحل ليشمل نظره الجيش كله، فهو يرى هذا القتل والذبح فيمزق ثيابه، ويصيح صيحة ملؤها اليأس، وما هي إلا أن يأمر بالهرب ويسرع هو فيفر، لا يلوي على شيء. هذا هو الشقاء الذي ستبكينه أيضا.
أتوسا :
يا لك من قضاء لنا عدو! لقد خدعت الفرس فأحسنت خديعتهم! إن عقاب أثينا ليكلف ابني ثمنا غاليا! لم يكن يكفي هلاك من هلك من زعمائنا في مراثون! لقد كان مما لا بد منه أن يحمل ابني هذه الحملة، واثقا بأنه سيثأر لهم فيجر علينا هذه المصائب التي لا تحصى، ولكن إلي أين لجأت السفن التي ظفرت بالفرار؟ ألك بذلك علم؟
الرسول :
لقد هرب كل زعيم في غير نظام إلى حيث حملته الريح، فأما الجيش البري فقد هلك بعضه في بيوتنا ظمأ وجوعا، ومضت بقية الجيش في هربها لا تملك من الوقت ما تستريح فيه، فعبرت بلاد الفوكيين والدوريين وما جاورها من بلاد خليج ماليه، تلك التي يرويها نهر سبركوس بمائه العذب. ومن هنا عبرنا - محرومين كل شيء، يعبث بنا الظمأ والجوع - بلاد الأكويين وأرض تساليا، حيث هلك أكثرنا، ثم عبرنا منيزيا: مقدونيا وسواحل أكسيوس، ومستنقعات بلبيه وجبال بنجيه وأيدونيا، وهنا أذنت السماء أن يشتد برد الليل اشتدادا لم تعرف له سابقة، فيجمد ماء سترمون. فما كدنا نشهد هذه النعمة التي لم نكن ننتظرها حتى عبد الأرض والسماء منا الملحد والديان. وبعد صلاة طويلة خاشعة تقدم الجيش على الجليد فنجا كل من استطاع أن يعبر النهر قبل أن يمد إله النهار أشعته. ولكن قرصه المشتعل لم يكد يخترق بنيرانه أحشاء المياه حتى تمزق الجليد، فترامى جنودنا بعضهم على بعض، سعيد من أسرع إليه الموت! فأما الذين استطاعوا أن ينجوا من هذا الخطر فقد عبروا طراقيا في جهد ومشقة ثم عادوا إلى أوطانهم. ليطولن أسف فارس على زهرة هذه الدولة، لقد صدقتكم الخبر، ولكني أعربت عن كثير من الشر الذي أنزلته بنا الآلهة فناء بنا. (ثم تتفجع الملكة والجوقة لما ألم بالفرس وتعلن الملكة أنها فاعلة ما عزمت عليه من تقريب القرين واسترضاء الآلهة، وتطلب إلى الجوقة العناية بتعزية الملك وتسليته إذا عاد.)
المنظر الثالث
الجوقة :
أي ذوس! لقد قضيت على هذا الجيش الضخم، جيش فارس، إنك لتغمر بالحزن مدينتي سوس واكبتان. ما أكثر هؤلاء النساء قد وصل بينهن الألم! سيمددن أيديهن الضعاف إلى النقب فيمزقنها وقد غمرت وجوههن الدموع، زوجات تفيض قلوبهن حنانا، قد قضي عليهن منذ اليوم أن يسكبن دموعا لا تغيض، سيسألن فرشهن الوثيرة التي قد شهدت ما ذقن من لذة حلوة عند أزواجهن الذين لم يكادوا يقاسمونهن الحياة حتى غالهم الموت فملأ قلوبنا لذلك أسفا.
صفحه نامشخص