الدليل الثامن: من الأدلة القرآنية
قوله تعالى: {محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا عظيما}.
لولا أن بعض الناس يورد هذه الآية للدلالة على فضل المتأخرين من المسلمين في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم كالطلقاء والأعراب والوفود وأمثالهم لما أوردتها هنا، فالآية من سورة الفتح التي نزلت بعد فتح الحديبية وقبل فتح مكة، وعلى هذا فالثناء الذي فيها على (الذين مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم) ينزل على المؤمنين يومئذ من المهاجرين والأنصار، ولا ينزل على من بعدهم.
إضافة إلى أن (المعية) هنا تقتضي النصرة والتمكين أيام الحاجة والذل والضعف فمثلما هناك صحبة شرعية وصلاة شرعية، فهناك معية شرعية أيضا ولم تتحقق هذه (المعية الشرعية) في كثير من المسلمين المتأخرين ممن ذكروا في الصحابة ممن كانوا أشداء على المؤمنين؟
ولذلك رأينا معاوية في عهد الإمام علي يدفع الجزية للروم ويحارب عليا، فأين (أشداء على الكفار رحماء بينهم)؟!، فالقضية عند معاوية هنا معكوسة، فهو يقاتل السابقين، ويدفع المال للروم، وكذلك بسر بن أبي أرطأة ومسلم بن عقبة فقد أذلا أهل المدينة المنورة ومن فيهم من المهاجرين والأنصار إذلالا كبيرا في غزوتين من غزوات أهل الشام للمدينة، الأولى سنة 39ه والثانية سنة 63ه.
صفحه ۹۳