الحديث الأول
حديث أبي سعيد الخدري قال: ((لما نزلت هذه السورة: {إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس} قال: قرأها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى ختمها، وقال: الناس حيز وأنا وأصحابي حيز، وقال: لا هجرة بعد الفتح، ولكن جهاد ونية)، فقال مروان -لأبي سعيد-: كذبت، وكان عنده (أبي سعيد) رافع بن خديج وزيد بن ثابت وهما قاعدان معه على السرير، فقال أبو سعيد: لو شاء هذان لحدثاك، ولكن هذا يخاف أن تنزعه عن عرافة قومه، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة فسكتا، فرفع مروان عليه الدرة ليضربه، فلما رأيا ذلك قالا: صدق.(وقد أخرجه أحمد بسند صحيح).
هذا الحديث فيه إخراج محتمل لمن أسلم بعد الرضوان من الصحابة وإخراج واضح لمن أسلم بعد فتح مكة كالطلقاء والعتقاء.. بأكثر من دلالة:
الدلالة الأولى: تلاوته صلى الله عليه وآله وسلم لسورة النصر التي فيها ذكر (الناس) الذين يدخلون في دين الله أفواجا، تلاها صلى الله عليه وآله وسلم يوم نزلت قبل إسلام الطلقاء بل قبل الحديبية - لتقدم نزولها على الأرجح - وأبرز هؤلاء الناس الداخلين في دين الله أفواجا الطلقاء والأعراب من القبائل المجاورة ثم الوفود، وهذه من علامات النبوة، إذ هو من باب إخبار القرآن بالغيب.
ثم أخبرنا النبي صلى الله عليه وآله وسلم بأن (الناس حيز)، وهو وأصحابه حيز آخر، فماذا يعني هذا؟ يعني أن هؤلاء (الناس) لا يدخلون في (الأصحاب) الذين فازوا بتلك (الصحبة الشرعية)، التي تستحق الثناء، وتتنزل فيها كل الثناءات على الصحابة، وهذا له شواهد بأن المقصودين بذلك المهاجرون والأنصار (كما سيأتي).
صفحه ۱۰۲