مداخل الشبهة على الفهم بسبب الكلمة الملفوظ بها ستة عددا: أولها اشتراك الأسماء؛ والثانى الشك فى الكلام؛ والثالث تركيبه؛ والرابع تجزئته وقسمته؛ والخامس إعرابه بالعلامات والنقط؛ والسادس صورة الكلام وشكله. وتحقيق ذلك أنا نكرر الكلام والأسماء مرارا بأعيانها فلا ندل بها على شىء واحد. فالكلام الذى من اشتراك الأسماء مثل قولك إنما العلماء بالنحو يعلمون وإن الذى أطلقت ألسنتهم منذ قريب يعلمون. فالتعليم اسم مشترك يقع على الذى يتفهم هو ونفسه ويستنبط، وعلى الذى يستفيد ويتعلم من غيره. فأما فهمه والمعرفة به فذاك استعمال العلم واتخاذه. وكقولك إن الضرر خير، والخير قد ينبغى أن يكون، فالضرر إذا ينبغى أن يكون. وقولك «ينبغى» على جهتين: إحداهما الواجب الذى يعرض كثيرا من فنون الضرر والشرور، فقد يكون شر باضطرار. والجهة الأخرى أن الخير ينبغى أن يكون غير مدافع. ونقول أيضا فى الشىء الذى بعينه إنه كان قاعدا وقائما، وصحيحا ومريضا، والذى كان قائما «قام»، والذى كان صحيحا «صح»؛ ولم يقم إلا القاعد، ولم يصح إلا المريض. فأى شىء فعل المريض أو فعل به فليس يدل على شىء واحد إلا أن يلحق بذلك شىء كان فعله إذا كان مريضا أو إذا كان صحيحا أو إذا كان قائما أو إذا كان قاعدا. فالفعل من المريض يدل أحيانا على فعل المريض اليوم، وأحيانا على فعل مريض كان مريضا قبل اليوم؛ ويسمى صحيحا متى نقه من مرضه، ويسمى صحيحا من ليس له عهد بمرض. فهذا ومثله من اشتراك الأسماء.
صفحه ۷۵۹