وإن سبق إلى ظن أحد بضرب من الضروب أن الاشتراك فى الأسماء مضلل فلا سبيل له إلى أن ينجو من التصليل إن كان مجيبا. وأما فى الذى يرى، فقد يضطر إلى رفع الاسم الذى وضع وإلى وضع ما رفع. وقد قال أقوام إنه ليست فى ذلك منفعة لأنهم يقولون إن فلانا مله، وذلك الفلان غير مله، ولكن فلان مله وفلان الآخر غير مله وإلا وجب القولان لواحد، فيكون الإيجاب والنفى معا، وذلك أنه ليست دلالتهما مساوية بحال واحدة، ومن أجل ذلك يوجب الفصل لا سيما إذا كان ما أعطانا أحد القولين مرسلا وكان فى القول الآخر زيادة من التحديد بفلان هذا. ولو لم يكن ذلك كذلك، لما كان هناك فصل بينهما.
فلما كان من لم يجعل فرقا فى المشكوك من كلامه مجهولا إن كان ضل أو لم يضل، ومن مذاهب السوفسطائين 〈فى〉 الكلام السبيل فى تفصيله، فبذلك قد يستبين أن من لم يفصل كلامه فأجاب بجواب مبهم أن ذلك منه خطأ، وإن لم يكن عند نفسه بضال الفكر، إلا أن قوله ضال. وقد يعرض أحيانا بعد المعرفة بما فى الكلام من التشكك الكسل عن تجربته لدهاء من استعد لمثل هذه المسائل لئلا يكثر شغبهم من كل جهة. فإذ كان السبيل لتجربة الكلام وتفصيله، فلا يكسل عن فعل ذلك، كما قيل أولا.
صفحه ۹۰۵