إن هذا الكلام نافع فى الفلسفة لأمرين: أولهما أنه إذا كان الشىء مشتركا فى دلالته فصلت جهاته باستبان كل واحد منها: أى شىء حاله، وأيها مشابه، وأيها غير مشابه. وذلك يعرض فى الأشياء وفى الأسماء؛ فهذا أحد الأمرين الذى تعرف به منفعة هذا الكلام فى فن الفلسفة. — وقد ينفع أيضا فيما يتكلم به الإنسان ويطالبه عند نفسه، لأن من كان سريع الانقياد يسير الاتصال بكلام غيره بغير حس يحسه من اتصال نفسه، أخلق به أن يصاب بذلك من نفسه فلا يحس به. — والضرب الثالث من منافع هذا الكلام التضرى فى جميع الفنون لئلا يكون الناظر فيه لا خبرة له: لأن من كان صاحب كلام فذم الكلام ولم يكن عنده فصل بمن ذمه، فقد جعل السبيل ليظن به أن ذمه إباه إنما كان للجهل به وقلة الخبرة بالكلام، لا لطلب الصدق والحق.
صفحه ۸۹۶