وليس هناك فصل كالذى قال بعض الناس فى دلالة الاسم وفى المعنى الثابت فى الفكر من دلالة الاسم، فيكون المعنى فى الاسم غير المعنى الراكد فى الضمير. فإنه من القبيح أن يظن أن دلالة الاسم غير ما يثبت عليه المعنى فى النفس. ومن تأول الاسم على غير ما يثبت فى الفكر لا يزل الاستعمال للاسم تحت الجواب من المسئول عنه، وكذلك صرف المعنى عن دلالة الاسم لا يكون إلا للشك فيما فهم وأجابك المسئول. فإن أحد ظن — سائلا كان أو مسئولا — أن الاسم الكثير الدلائل مفرد بالدلالة كقولك فى الواحد وفى الموجود أو ما يثبت عليه أنه هذه، وليس منها شىء إلا دليل على كثير، فالسائل والمسئول قد يلتبس عليهما الكلام كالذى فعل زينن، فإنه ظن بالواحد أن دلالته مفردة فضل، وكان ما أثبت من مسئلته أن الكل واحد، فصار التضليل فى هذا الموضع إنما يكون من قبل الاسم وليس من التى فى الضمير أو فى فهم المسئول. — فإن أحد ظن بالكثير الدلائل من قبل الاسم المشترك أن دلالته كثيرة، فقد استبان أن التضليل فيه ليس من قبل كلمة الضمير. فلا محالة أن أول التضليل يكون فى مثل هذه الكلمات التى نرفعها إلى لفظ الاسم وإلى معنى الضمير فندل على الكثير فى أى الأشياء قيلت: وليس يستبين فى الكلمة ما فى الضمير، ولكنه يستبين ذلك بجهة من الجواب من المسئول على ما يخرج من الكلام. — فأما من قبل اللفظ بالاسم فقد يمكن أن تكون كلها: وأما ها هنا فما لم يكن فصلا من قبل المعنى فهو بالاسم يتضلل. فإن لم تكن كلها كذلك فسيكون غيرها، لا من قبل الاسم ولا من قبل الضمير. ومن الناس من قال إنها كلها: إما من قبل الاسم، وإما من قبل المعنى، وعلى مثل ذلك يقسمونها ولا يزعمون أنه يكون غيرها. — إلا أنها تكون منا بيسير من الأكثر، فمنها ما هو فصل من جهة الاسم: وقبيح أن يقال إن كل ما كان مضللا من جهة اللفظ فذلك من قبل الاسم: فقد تكون مضلات لا من قبل جواب المجيب عليها، ولكن من قبل الكلمة فى المسئلة وما يدل عليه من الكثير.
وقبيح النية أن نتكلم فى شىء من التبكيت والتضليل قبل أن نتكلم فى المقياس، وذلك أن التضليل إنما هو مقياس. ومن أجل ذلك يجب أن نتكلم أولا على المقاييس.
صفحه ۸۳۴