سودان
السودان من التاريخ القديم إلى رحلة البعثة المصرية (الجزء الثاني)
ژانرها
وزير الأشغال العمومية
قرر مجلس الوزراء في 29 مارس سنة 1933 إنشاء خزان بحيرة تانا، وأرصد له في ميزانية السنوات الخمس المقبلة مبلغ 3 ملايين و50 ألف جنيه تنفق على إنشائه.
نشر كاتب في جريدة «البلاغ» المقالات الآتية في سبتمبر سنة 1934: (4-3) بحيرة تانا وجزرها المقدسة
أقام كاتب هذه المقالات عدة سنين في القنصلية البريطانية بدنجيلا - شمال غربي الحبشة، فأتيحت له فرص قلما تتاح لغيره لكي يرى بحيرة تانا الجميلة من وجهات مختلفة وعلى جميع اتجاهات البوصلة، وقد سافر الكاتب في رحلات رسمية فرأى هذه الأربعين ميلا من الماء في مناسبات عديدة، كما أنه دار حولها تماما مرتين. وهناك سائحون أوروبيون آخرون رأوا هذه البحيرة من اليبس، فمن الطبيعي أن تكون الجزر المتعددة - التي تقع أحيانا على ثلاثة أميال من الشاطئ - مثيرة لطلعة السائح، ومن السائحين القليلين الذين زاروا الجزر فعلا (سنكر) الذي صنع هذا سنة 1881، وخلف لنا أحسن وصف وإن كان يعوزه التمام؛ لأنه لم يستطع الحصول على إذن بالنزول إلى تلك الجزر التي تقوم عليها أهم الديور مثل داجا.
ويقول سنكر في تفسير هذا إنه لم يتمكن من زيارتها؛ لأن أحدا لا يسمح له بذلك إلا أن يكون راهبا متنسكا لكون هذه الجزر تعتبر أرضا مقدسة.
كان مشروعي أن أدور حول البحيرة في الماء، وأزور كل جزيرة وكل كنيسة ودير فيها، وكذلك ما كان منها على الشاطئ. ومعنى ذلك كله أنني أقطع مائتين وعشرين ميلا، والظاهر أن هذه كانت الطريقة الوحيدة التي يجب أن أتبعها حتى لا يغيب عني شيء له أهمية نظرا لعدم وجود خرائط دقيقة أو أي شيء سوى كتابات ضئيلة في الموضوع.
وتاريخ الكنيسة الحبشية يحوي أشياء كثيرة ذات قيمة للباحث في تاريخ المسيحية الأولى التي دخلت البلاد في سنة 370 أو حوالي تلك السنة على يد فرومنتيوس الذي أصبح أول رئيس لأساقفة إثيوبيا على نفس الصورة التي أدخل بها القديس أوغسطين المسيحية إلى إنكلترا السكسونية بعد هذا التاريخ بمائتين وستة وعشرين عاما، وأصبح أول رئيس لأساقفة كنتربوري.
ولم يقترب الخطر قط من إنكلترا، ولكن في حكم الإمبراطور الحبشي لبنادنجل (1508-1540م) فتحت البلاد، واستولى عليها تماما فاتح مسلم هو محمد جراف، جاء إليها من بلاد عدل الصحراء المنخفضة القريبة من البحر الأحمر، وهي الأرض التي تقيم فيها الآن قبائل الدناقلة.
ورغم أن ابن لبنادنجل وخليفته استطاع أن يجلي المسلمين عن البلاد، فإن كل الكنائس والديور في طول البلاد وعرضها نهبت وأحرقت، فذهبت بذلك المكاتب التي حوت من المخطوطات والكتب ما لا يقوم بثمين مع نسخ يونانية وعبرية، بل وربما كانت أصولا من الكتاب المقدس وسفر الرؤيا.
ومن ثم يبدو أن المكاتب التي ربما تكون نجت لا بد وأن تكون باقية في ديور الجزر في بحيرة تانا؛ لأن موقع هذه الجزر بعيدة عن الشاطئ هو الذي حال بين الجيوش الإسلامية الظافرة وبين تناول هذه الآثار، وأحد أغراض رحلتي أن أرى المكاتب وإن لم يكن لدي وقت للخوض على محتوياتها. والأمر الثاني أنني أملت في أن أحصل على بعض الروايات المتواترة التي تتصل بتابوت العهد في معبد سليمان بأورشليم الذي يتمثل كل كنيسة بالحبشة.
صفحه نامشخص