251

Struggle with Atheists to the Core

صراع مع الملاحدة حتى العظم

ناشر

دار القلم

شماره نسخه

الخامسة

سال انتشار

١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م

محل انتشار

دمشق

ژانرها

التناقض بين الحقيقة وبين ما اختاروا لأنفسهم من مذهب باطل من جهة، وبين العناد والخوف من المصير من جهة أخرى، وهذا يظهر في حالات العنف الذي يبدو في تصرفاتهم، والاضطراب الشديد الذي تعاني نفوسهم منه، لأن عقولهم الباطنة وجذور ضمائهم لا تستطيع أن تنكر الحقيقة، بينما لا تستطيع نفوسهم المجرمة وشهواتهم العارمة أن تسلِّم بها، فهم بذلك يقعون في حالات الصراع الداخلي العنيف، الذي لا يحلُّه إلا العناد والإمعان في الجريمة، وتجاهل المصير الخطير المؤلم الذي يقذفون بأنفسهم إليه، ويبدو بعد ذلك صفرة كالحة في وجوههم، وحقدًا على الناس في معاملاته، ووحشية عجيبة حين يظفرون. أما المؤمنون فهم - على العكس من كل ذلك- يظلون مطمئنين في كل أحوالهم، ولا يوجد في داخلهم تناقض بين الحقيقة وما يعتقدون، ويشعرون دائمًا بالأمن تجاه مصيرهم، لأن الله قد ضمن لهم الجنة بإيمانهم، وحينما يقلقون بعض القلق من المعاصي التي قد يفعلونها تأتي مفاهيم التوبة ورجاء الغفران فتمسح عن نفوسهم القلق، وتعيد لها طمأنينتها ثقة برحمة الله وعفوه، ومشاعرهم نحو الناس تتدفق بالمحبة والرحمة وإرادة الخير والهداية للناس كل الناس. وحينما يجدون خلافًا بين ما يقوله واضعو النظريات العلمية وما يقوله المجتهدون في فهم النصوص الدينية فإنهم يقولون: إن الحقيقة واحدة، لا تتعدد، والدين لا يلزمنا باعتقاد غير الحقيقة. فلا بد أن يكون الخطأ فيما سمي نظرية علمية ونسب إلى الحقيقة العلمية نسبة غير صحيحة، أو فيما نسب إلى الدين وهو في الواقع اجتهاد خاطئ في فهم النصوص، أما ما هو يقيني في الدين وما هو يقيني في العلم فإنه لا يوجد فيه خلاف مطلقًا، ومعظم الأمور الطبيعية الكونية سكت عنها الدين، لأن البحث الإنساني سيصل إليها بنفسه، وكثير من الأمور الغيبية الكبرى لا يستطيع البحث العلمي أن يصل إليها بنفسه، أو أن يحدد صفاتها وخصائصها، لذلك فهو يعتمد فيها على الدين ولا يستطيع أن يحكم عليها بإثبات أو نفي. وحينما يتجاوز العلم الإنساني حدوده، ويحاول أن يصدر أحكامًا بإثبات أشياء أو نفيها لا تملك وسائله إثباتها أو نفيها، فإن المؤمنين بالدين يقولون للبحث العلمي: قف ولا تتعد حدودك. لذلك فحينما يأتي باحث إنساني فيحكم على

1 / 269