Struggle with Atheists to the Core

Abdur Rahman Habannakah Al-Maydani d. 1425 AH
168

Struggle with Atheists to the Core

صراع مع الملاحدة حتى العظم

ناشر

دار القلم

شماره نسخه

الخامسة

سال انتشار

١٤١٢ هـ - ١٩٩٢ م

محل انتشار

دمشق

ژانرها

قد يقول المعارضون: وما علاقة هذه الضرورة الإنسانية لحل مشكلة الجنوح في السلوك بكون الآخرة حقيقة واقعة حتى يجب الإيمان بها عقلًا؟ وجوابنا على هذا السؤال سيكون مع الذين سلموا معنا بالقضية الأولى، وهي قضية الإيمان بالله تعالى، أما الملاحدة الذين لا يؤمنون بالله فإنهم لا يشعرون بموجب لضبط السلوك الإنساني أصلًا، ولا يرون في أي سلوك جنوحًا، ونظرتهم إلى الحياة تقتضي بأن القوة هي التي تحدد مفهوم السلوك، فالقوة تستطيع أن تجعل الفضائل رذائل، والرذائل فضائل، والحق باطلًا، والباطل حقًا، وهكذا لا قيمة عندهم إلا للقوة. أما كلامنا مع الذين سلموا بالقضية الأولى قضية الإيمان بالله تعالى فيكون على الوجه التالي: هل يعقل في منطق التنظيم الحكيم أن يخلق الله جلَّ وعلا كائنات مدركة ذات غرائز وشهوات، وذات مطامع ورغبات، وذات أهواء لا حدود لها، وذات لذات وآلام، ويعطيها مع ذلك حرية الإرادة، ويمنحها قدرة ما على تنفيذ ما تريد، ثم يتركها تتخبط وتتقاتل، وتتنافس وتتصارع، وتتحاسد وتتباغض، دون أن يجعل لها ضوابط تضبط سلوكها، ودون أن يشعرها بأن جزاء عادلًا قد أعد لها، ودون أن ينفذ فيها فعلًا جزاءه العادل، ودون أن يشجع محسنيها بالثواب الكريم الذي يكون حقيقة واقعة، لا وعدًا كلاميًا فقط؟ هذا غير معقول، إن الخالق الحكيم لن يترك كائنات من هذا القبيل تفسد في الأرض دون أن يجعل لها نظامًا يشتمل على عناصر الجزاء الحكيم، وهذا يهدي فعلًا إلى اعتبار اليوم الآخر ضرورة لضبط سلوك الإنسان في الحياة، وهذا النظام لا بد من بيانه للناس حتى يعلموا مسؤوليتهم ويعرفوا مصيرهم، ولذلك أرسل الله لهم الرسل، فبلَّغوا الناس ما يجب عليهم من سلوك، وما ينتظرهم من ثواب وعقاب، بحسب أعمالهم في حياتهم، وأن وراء هذه الحياة الأولى حياة أخرى يرجعون فيها إلى الله، فيحاسبهم ويجازيهم، وقد أعد للثواب جنة خالدة، وأعد للعقاب نارًا حامية وعذابًا أليمًا.

1 / 182