155

Stopping the Temptation: A Critical Study of the Instigators' Suspicions and the Trials of Jamal and Siffin According to the Methodology of the Muhaddithin

وأد الفتنة دراسة نقدية لشبهات المرجفين وفتنة الجمل وصفين على منهج المحدثين

ناشر

دار عمار للنشر والتوزيع

شماره نسخه

الأولى

سال انتشار

١٤٣٠ هـ - ٢٠٠٩ م

محل انتشار

عمان - المملكة الأردنية الهاشمية

ژانرها

ومن الرّوايات الّتي تطمئنّ القلوب لمتنها، والّتي تبيّن قصد عليّ ﵁ من الخروج إلى البصرة، ما أخرجه الطّبري بإسناد ضعيف عن محمّد وطلحة، قالا: " لمّا أراد عليّ الخروج من الرّبذة إلى البصرة قام إليه ابن لرفاعة بن رافع، فقال: يا أمير المؤمنين أي شيء تريد؟ وإلى أين تذهب بنا؟ فقال: أمّا الّذي نريد فالإصلاح إن قبلوا منّا وأجابونا إليه، قال: فإن لم يجيبونا إليه؟ قال: ندعهم بعذرهم ونعطيهم الحقّ ونصبر، قال: فإن لم يرضوا؟ قال: ندعهم ما تركونا، قال: فإن لم يتركونا؟ قال: امتنعنا منهم، قال: فَنَعَم إذًا ... " (^١).
وكان عليّ ﵁ محقًا في خروجه؛ فقد استطاع أن يعيد أمّ المؤمنين إلى مأمنها عملًا بوصيّة النَّبيِّ ﷺ له، أخرج الحاكم عن عمرة بنت عبد الرحمن، قالت: " لمّا سار عليّ إلى البصرة دخل على أمّ سلمة زوج النَّبيِّ ﷺ يودّعها، فقالت: سِرْ في حفظ الله وفي كنفه، فوالله إنّك لعلى الحقّ والحقّ معك، ولولا أنّي أكره أن أعصي الله ورسوله فإنّه أمَرَنا ﷺ أن نقرّ في بيوتنا لسرتُ معك، ولكن والله لأرسلنّ معك من هو أفضل عندي وأعزّ عليّ من نفسي ابني عمر" (^٢).
الأيدي الخبيثة توقع الفتنة بين الفريقين
وهكذا يتَّضِحُ أنّ عليًّا ﵁ لم ينهض إلى البصرة لقتال عائشة ﵂ ومن معها كما تقدّم، وإنما ليرُدَّها إلى مأمنها ويقوى بمن كان معها، فهو يعلم أنّ القلوب واحدة والنّيّة واحدة، لكنّه كان يخشى ﵁ أن ينفتق في الإسلام فتق، وآية ذلك أنّهم لمّا اجتمعوا في النّصف من جمادى الآخرة سنة ست وثلاثين، اجتمعت كلمتهم، ولم يقتتلوا، ولم يكن بينهم قتال؛ فخشي المنافقون وأعوانهم الّذين نُسِبَ إليهم قتل الخليفة عثمان ﵁ من اجتماعهم على قتالهم، فلمّا جَنَّ الليلُ اندس قتلة عثمان

(^١) الطّبري " تاريخ الأمم والملوك " (ج ٣/ ص ٤٩٤) ونقل عنه ذلك ابن الأثير في "الكامل في التّاريخ " (م ٢/ص ٣٢٥).
(^٢) الحاكم " المستدرك " (ج ٣/ ص ١١٩)، كتاب معرفة الصّحابة، وقال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

1 / 156