أقوال الطحاوي في التفسير: الفاتحة - التوبة
أقوال الطحاوي في التفسير: الفاتحة - التوبة
ژانرها
وقد روي عن جابر بن عبد الله ﵁ خلاف ذلك كله وأن ذلك القول لم يكن من النبي ﷺ لحال الصلاة، وإنما كان لحال أخرى
قال أبو الزبير (^١) سألت جابرًا أقال رسول الله ﷺ: (لولا شيء لأمرت رجلًا أن يصلي بالناس، ثم حرقت بيوتًا، على ما فيها).
قال جابر إنما قال ذلك من أجل رجل بلغه عنه شيء فقال: (لئن لم ينته لأحرقن بيته على مافيه). (^٢) فهذا جابر يخبر أن ذلك القول من النبي ﷺ، إنما كان للتخلف عما لا ينبغي التخلف عنه.
فليس في هذا ولا في شيء مما تقدمه الدليل على الصلاة الوسطى ما هي.
فلما انتفى بما ذكرنا أن يكون فيما روينا عن زيد بن ثابت في شيء من ذلك دليل، رجعنا إلى ما روي، عن ابن عمر، فإذا ليس فيه حكاية عن النبي ﷺ، وإنما هو من قوله لأنه قال هي الصلاة التي وجه فيها رسول الله ﷺ إلى الكعبة.
وقد روي عنه من غير هذا الوجه خلاف ذلك عن سالم عن أبيه قال: (الصلاة الوسطى صلاة العصر).
فلما تضاد ما روي في ذلك، عن ابن عمر دل هذا على أنه لم يكن عنده فيه شيء عن النبي ﷺ، ورجعنا إلى ما روي عن غيره فإذا عن أبي رجاء (^٣) قال: (صليت خلف ابن عباس ﵄ الغداة فقنت قبل الركوع، وقال هذه الصلاة الوسطى)
(^١) أبو الزبير هو: محمد بن مسلم بن تدرس القرشي المكي، قال فيه ابن عدي: هو في نفسه ثقة، إلا أن يروي عنه بعض الضعفاء، وكانت
وفاته سنة (١٢٨ هـ) (سير أعلام النبلاء - ٥/ ٣٨٠)
(^٢) لم أقف عليه إلا عند الإمام الطحاوي في هذا الموضع.
(^٣) أبو رجاء هو: عمران بن ملحان التميمي البصري العطاردي، من كبار المخضرمين، أدرك الجاهلية، وأسلم بعد فتح مكة، ولم ير الرسول
ﷺ، وكانت وفاته سنة (١٠٥ هـ) (سير أعلام النبلاء -٤/ ٢٥٣).
1 / 227