أقوال الطحاوي في التفسير: الفاتحة - التوبة
أقوال الطحاوي في التفسير: الفاتحة - التوبة
ژانرها
في تأويل هذه الآية: (في النفقة)
وعن ابن عباس، في قوله ﷿: ﴿وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ﴾ [البقرة:١٩٥] قال: (لا يقولن أحدكم: إني هالك، لا أجد شيئًا، إن لم يجد إلا مِشْقصًِا (^١) فليجاهد به في سبيل الله ﷿.
فكل هؤلاء الذين روينا عنهم هذه الآثار يخبرون: أن التهلكة المذكورة في الآية التي تلونا ليست في لقاء العدو بالقتال الذي ليس مع من لقيهم من الطاعة ما لا يؤمن عليه منهم قتلهم إياه، وأنه في فعله ذلك غير مذموم فيه.
فقال قائل: كيف تقبلون هذا، وقد رويتم في تأويل هذه الآية خلافه؟
فذكر عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث الزهري (^٢)، أخبره: أنهم حاصروا دمشق، فانطلق رجل من أزد شنوءة، فأسرع إلى العدو وحده يستقبل، فعاب ذلك عليه المسلمون، ورفعوا حديثه إلىعمرو بن العاص (^٣)، وهو على جند من الأجناد، فأرسل إليه عمرو، فرده، وقال له عمرو: إن الله ﷿ يقول: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ﴾ [الصف:٤]، وقال: ﴿وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة:١٩٥].
(^١) قوله (إلا مشقصًا): المِشقص بكسر الميم هو: السهم، والمشقص أيضًا هو: نصل من نصال السهام طويل، (انظر: منال الطالب لابن الأثير - (٤٥٢) وغريب الحديث لأبي إسحاق الحربي (١/ ٩٦). (^٢) عبد الرحمن بن الأسود هو: أبو محمد عبد الرحمن بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب القرشي الزُهري المدني، من كبار التابعين، (تهذيب الكمال -٤/ ٣٧٠). (^٣) عمرو بن العاص هو: الصحابي الجليل أبو عبد الله عمرو بن العاص بن وائل بن هاشم القرشي السهمي، وكانت وفاته بمصر سنة (٤٣ هـ). (أسد الغابة - ٤/ ٢٤٤)
1 / 152