فقال ستالين وهو يحدق في المائدة ويرسم عابثا دون أن ينظر إلى ما يرسم: ولم ذلك؟ قد تكون الصناعة الأمريكية أكثر متعة؟!
وبدأ يداخلني الشعور بأن هناك شيئا لا يرتاح إليه ستالين في هذا الحديث، فقلت: ربما كان هذا صحيحا من وجهة النظر الروسية، ولكننا في الولايات المتحدة نتوق إلى أن نعرف من دراستنا المباشرة مدى التقدم الذي بلغتموه.
فقال ستالين: لقد أسدت الولايات المتحدة إلى الصناعة السوفييتية خدمات جليلة، وقد أنشئت في الاتحاد السوفييتي مصانع كبيرة بواسطة المعونة الأمريكية، كما استعين في إنشاء بعضها بالخبرة الأمريكية ...
فقلت: نعم، لقد لاحظت ذلك يا ماريشال ستالين، وقد رأيت بالفعل آلات أمريكية في مصانعكم، وشهدت أساليب أمريكية وخططا أمريكية، وقد استعنتم بكثير من خبرة مهندسي الإنتاج الأمريكيين ...
لا يحب سماع النقد
ثم استطردت قائلا: ولكنكم ما زلتم تهدرون كثيرا من الجهود البشرية؛ ففي مدنكم المكتظة بسكانها اكتظاظا مروعا رأيت صفوفا طويلة من الناس تقف لتشتري الطعام، وفي ذلك إهدار لنشاط بشري أنتم في حاجة إليه، كما أنكم في حاجة إلى تحسين نظام التوسيع لرفع مستوى الكفاية والإنتاج؛ لقد استقدمتم حقا خبراء أمريكيين في الإنتاج، ولكنكم في حاجة إلى المشورة الفنية الأمريكية في التوزيع ... وإن عددا قليلا من خبرائنا في المخازن المسلسلة ...
ولم يتركني ستالين أتم هذه الجملة فقاطعني دون أن يرفع رأسه وهو ما يزال يرسم على الورق، وقال: وما هي هذه المخازن المسلسلة؟
وأخذت أشرح له نظام هذه المخازن الذي يتلخص في شراء البضائع بالجملة وتوزيعها بالجملة أيضا على سلسلة من الفروع متغلغلة في جميع القرى والمدن والولايات الأمريكية.
وأطرق ستالين برأسه ثم قال: ولكن لكي يكون هنا توزيع يجب أن يكون هناك ما يوزع! ...
بين روسيا وأمريكا
صفحه نامشخص