لتعش الهدنة العاجلة! ليقف إطلاق النار! إلى مفاوضات السلام!
وإذ كانت الجمهورية السوفييتية قد بدأت حياتها وهي تنشد السلام وتنادي به، وتعمل على نشره، وتعتبره مبدأ من مبادئها، فما الذي حدث اليوم وجعل منها قوة مخيفة تملك أسطولا هائلا من الغواصات، وأسرابا من الطائرات النفاثة والصواريخ عابرة القارات، وعددا من الأقمار الصناعية، وغير ذلك من آلات ومعدات الدمار؟
لعل الاستعداد للحرب هو خير وسيلة لاتقاء الحرب كما يقولون، ولعل الاتحاد السوفييتي يملك هذه القوة الهائلة لكي يستعملها يوما في الدفاع لا في الهجوم، ولعله يملكها لكي يقيم شيئا من التوازن في القوى التي تعمل بالمحيط الدولي ...؟!
إننا نعيش اليوم في عالم أفعمت قلوب سكانه بالحب والسلام، وقد انتشرت فكرة السلام بين جميع الناس وخاصة بعد أن تنوعت أسلحة الخراب والدمار، ولمس الجميع مدى تأثيرها على البشر وجنايتها عليهم ...
ولا شك أن الجيل الذي ولد في ظل السلام لن يشترك في عدوان ضد أي إنسان، ولما كان الناس قد ولدوا أحرارا فإنهم لذلك يجب أن يتركوا أحرارا عند اختيارهم النظام الذي يلائمهم، وليس لقوة في الوجود أن تتحكم في إرادتهم أو ترغمهم على قبول نوع معين من نظام الحكم.
ولقد كان ستالين حاكما قويا فرض إرادته وسلطته على روسيا نحو 29 عاما، فلم يتمكن صوت واحد من الارتفاع بمعارضته، وتعددت في عهده المظالم، وحاول الكثيرون تبريرها بأن النظام كان لا يزال في أول عهده، وبعد وفاته عرف الناس في روسيا وخارجها أسرارا كثيرة في السياسة الداخلية والخارجية وصمت العهد كله بالدم والطغيان.
وبعد أن ألقى خروشيشيف خطابه المشهور الذي استنكر فيه أساليب ستالين ظن الناس أنه سيتنكب أساليبه فعلا لا قولا فقط، ولكن روح ستالين أثبتت أنها ما زالت تسيطر على الموقف كله في روسيا وخارجها.
ولقد ظهر ذلك في حفلة أقيمت في رأس عام 1957 بموسكو تكريما لشواين لاي رئيس وزراء الصين الوطنية؛ فقد سمع خروشيشيف آنئذ يقول: «كان ستالين محاربا للاستعماريين ... وحين يكون الأمر أمر محاربة الاستعماريين فنحن جميعا ستالينيون.»
وبعد ذلك بأسبوع تحدث خروشيشيف إلى مراسلي صحف ألمانيا الشرقية عن زيارته للمجر وامتدح وحدة الشيوعيين، وأشاد بستالين، وانضم شواين لاي إليه - وكأنما يؤكد العودة إلى الستالينية - فقال في أثناء زيارته لبولندا لرئيس وزرائها فلاديسلاف جومولكا المعروف بمناهضته للستالينية: «أقترح أن نشرب نخب ... تضامن الدول الاشتراكية وعلى رأسها الاتحاد السوفييتي.»
وكان معنى هذا عند بعض المراقبين أن النظام القديم قد أعيد مرة أخرى.
صفحه نامشخص