Speeches and Lessons of Sheikh Abdul Rahim Al-Tahan
خطب ودروس الشيخ عبد الرحيم الطحان
ژانرها
وقد أمرنا ربنا – تعالى شأنه – بالنظر إلى بداية الإنسان والتأمل في أصل تكوينه، فقال – ﷻ –: ﴿فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّاء دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ﴾ (١) .
إنها آية عظيمة، جليلة فخيمة، حيث أن تلك النطفة المختلطة من ماء الرجل والمرأة (٢) عندما تستقر في رحم الأنثى، ويأذن ربنا اللطيف الخبير بتكوينها، وخلق بشر منها، تتعلق بالرحم، وتكون لاصقة به، وكلما مضى عليها زمن ازداد لصوقها، وقوي تماسكها، فتحول بعد أربعين إلى علقة، ثم إلى مضغة، ثم إلى عظام تكسى بلحم، ولا يزال الجنين في ازدياد في الحجم، وشدة تعلق بالرحم، حتى يصل إلى غاية يمكنه الاستغناء فيها عن رحم أمه لو خرج منه فيقل تماسكه بالرحم، ويصاحب ذلك كبر حجمه، وثقل وزنه، ونشاط جسمه، ليسهل عليه الخروج، عندما يأذن له بذلك الملك المعبود.
_________
(١) الآية: (٥-٧) من سورة الطارق، والترائب جمع تريبة، قال ابن الجوزي في تفسير زاد المسير: (٩/٨٣) قال الزجاج: قال أهل اللغة أجمعون: الترائب: موضع القلادة من الصدر.
(٢) كما قال ربنا – ﷻ –: ﴿إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا﴾ الإنسان٢، والنطفة والنطافة: القليل من الماء، والجمع نطف ونطاف، قال أبو منصور اللغوي العرب تقول للمويهة القليلة: نطفة، وللماء الكثير نطفة، وهو بالقليل أخص وبه سمي المني نطفة لقلته، قال ابن منظور: وتقول العرب: نطف ينطف إذا قطر قليلًا قليلًا، انظر جميع ذلك في اللسان: (١١/٤٩) "نطف" وعلى هذا فالمني سمي نطفة لقلته، ولكونه يقطر قليلًا قليلًا، والنطفة تقال لمني الرجل والمرأة كما هو دليل آية الإنسان " مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ " أي أخلاط من ماء الرجل والمرأة، حسبما أحبر ربنا في سورة الطارق " يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ ".
1 / 33