سياست نامه
سياست نامه أو سير الملوك
پژوهشگر
يوسف حسين بكار
ناشر
دار الثقافة - قطر
شماره نسخه
الثانية، 1407
ژانرها
يكون لهم من حديث سوى أن عضد الدولة يعذب رجلا كبيرا عالما قاضيا دون حق فتشيع هذه السمعة السيئة في الأرجاء علي أن أفكر في حل يثبت خيانة القاضي ويعيد إلى الرجل ماله
ولما مضى على هذا الحديث شهر أو اثنان ولم ير القاضي لصاحب الذهب من أثر قال لقد كسبت عشرين ألف دينار لكن لأصبر سنة أخرى فقد ينهي إلي أحد خبر موت الرجل لأن حاله التي رأيته عليها تنم عن أنه سيقضي قريبا
وبعد مضي شهرين على الأمر أرسل عضد الدولة في ظهيرة أحد الأيام وقت القيلولة إلى القاضي من يستدعيه فاختلى به وقال أيها القاضي أتدري لماذا جشمتك عناء المجيء قال الملك أدرى قال عضد الدولة اعلم أنني في تفكير دائم بالعاقبة والمصير ولقد حرمت في هذا التفكير وهذه السوداوية نعمة النوم لا معول على الدنيا ومملكتها ولا اعتماد على الحياة فالعاقبة لن تعدو أمرين فإما أن ينقض علينا طالب ملك وينتزع المملكة منا مثلما انتزعناها نحن من أيدي الاخرين وتأمل ما قاسيته حتى استطعت الوصول إلى الملك مرة واحدة وإما أن يجيء الأجل بغتة فيفرق بيننا وبين الملك والسلطان قبل أن تتحقق أمالنا ان كل نفس ذائقة الموت وما العمر إلا صحيفة أعمالنا فإن نكن صالحين نحسن إلى عباد الله سيظل الناس يذكروننا بالخير ويكيلون لنا الثناء ما بقيت الدنيا وسننال ثواب الاخرة وإلى الجنة ونعم المصير وإن نكن أشرارا نسيء إلى العباد سيظلون يذكروننا بالشر إلى يوم القيامة وأنهم كلما ذكرونا يلعنوننا ويدعون علينا ولن نجد يوم القيامة غير الويل والعذاب وإلى جهنم وبئس المصير إن كل ما يمكن فعله أن نجهد في الطاعة وإنصاف الخلق والإحسان إليهم
وما أقصده من حديثي إليك هو أن في قصري عددا من الأطفال والنساء خاصة وأمر الذكور ايسر لأنهم كالطيور يستطيعون الانتقال من إقليم إلى اخر إن خطب هؤلاء المخدرات أسوأ فهن ضعيفات لا حول لهن ولا قوة إنني لقادر اليوم على التفكير في أمرهن لكنه قد يدركني الأجل غدا أو يفلت الملك مني فلا أستطيع أن أقوم لهن بشيء
لقد فكرت في الأمر مليا فلم أجد في كل أرجاء المملكة اليوم من هو أتقى وأكثر أمانة وتدينا وخوفا من الله وأقصر يدا منك إنني أرغب في أن أضع عندك مائتي ألف ألف دينار ذهبا نقدا وجواهر وديعة لا يعلمها سوى الله عز وجل ونحن الاثنين فإذا ما جاءني أجلي ووصلت بهن الحال إلى حد لا يقدرن معه على كسب قوتهن اليومي ادعهن
صفحه ۱۱۵