الفصل الثامن في التحقيق والتحري في أمور الدين والشريعة وما إليهما
على الملك تحري امور الدين وإقامة الفرائض والسنن وأوامر الله تعالى وحفظ حرمة علماء الدين وتأمين أرزاقهم من بيت المال وإكرام الزهاد والمتقين وتقديرهم وعليه أن يدعو إليه علماء الدين مرة أو مرتين أسبوعيا ويستمع منهم إلى أوامر الحق تعالى وتفسير القران الكريم وأخبار الرسول عليه الصلاة والسلام وسير الملوك العدول وقصص الأنبياء عليهم السلام وفي هذه الأثناء ينبغي ألا يشغل نفسه بالتفكير في أي أمر من أمور الدنيا بل يجب أن يسخر ذهنه وسمعه للإصغاء إليهم ثم يطلب منهم أن يتحولوا إلى فريقين يتناظران فيما بينهم وعليه أن يستوضح عما يغمض عليه فيعرفه ويحفظه فاذا ما تكرر منه هذا تصبح له سجية وعادة ولن يمضي طويل وقت حتى يحيط باكثر أحكام الشريعة وتفسير القران وأخبار الرسول عليه الصلاة والسلام ويحفظه فتتسع امامه بذلك سبل المعرفة بالأمور الدينية والدنيوية بحيث لا يستطيع اي مبتدع أو صاحب اعتقاد خبيث ان يحرفه عن مسيره إنما يقوى رأيه ويعم عدله وتمحي من مملكته البدع والأهواء وتتم على يديه الأعمال الجليلة وتستأصل به جذور الشر والفساد والفتنة فينقرض المفسدون ويزداد أهل الصلاح بأسا فيكسب السمعة الحسنة في الدنيا وينجو من عقاب الاخرة بل يتبوأ أعلى الدرجات فيها ويثاب ثوابا كبيرا ثم يزداد إقبال الناس في عهده على العلم أكثر فاكثر روى ابن عمر رضي الله عنهما أن الرسول عليه الصلاة والسلام قال أعدت للعادلين وأهليهم ومن هم في رعايتهم قصور من نور في الجنة
ان الاستقامة في الدين لأجمل ما ينبغي أن يتصف به الملك لأن الملك والدين
صفحه ۹۶