الاخرين إن على كل من له خصم منكم أن يسترضيه الان وفي ذلك اليوم كان أقرب الناس إليه أبعدهم منه وأقواهم أضعفهم
ومنذ عهد اردشير إلى أيام يزدجرد الأثيم يزدجرد الأول والملوك يسيرون على ذلك المنوال إلا أن يزدجرد استبدل سنن ابائه باخرى سيئة وجعل الظلم شريعة في الأرض فسيم الناس الخسف ومنعوا النصف وراحت أدعية الشر تترى عليه من كل حدب وصوب
وحدث أن دخل إلى قصر يزدجرد فرس معرى فجأة أقر كل من كان حاضرا من عظماء الدولة بحسن شياته وعبثا حاولوا إيقافه إلى أن انتهى إلى يزدجرد نفسه ووقف امامه بجانب الإيوان هادئا فقال يزدجرد قفوا بعيدا فما هذه إلا هدية بعث بها الله تعالى إلي وتقدم منه رويدا رويدا واستلم عنانه وأخذ يربت على وجهه وظهره ثم امتطى صهوته فلم يبد حراكا وظل هادئا كما كان وطلب يزدجرد لجاما وسرجا فألجمه وأسرجه وأحكم حزمه ولما هم بوضع المذيلة رفسه الفرس على رأس قلبه فجأة فقتله ومضى خارجا دون ان يعترض سبيله أحد ولم يستطع أحد أن يعرف من أين جاء وإلى أين ذهب وأجمع الناس على أن الفرس لم يكن سوى ملك من ملائك الله تعالى ارسله لتخليصنا من هذا الظالم
همة عالية
قيل أن عمارة بن حمزة كان في مجلس الدوانيقي يوم المظالم إذ نهض أحد المظلومين فشكاه مدعيا أنه غصبه ضيعته فقال الدوانيقي لعمارة قم واجلس قبالة الخصم وادل بحجتك قال عمارة لست خصمه إن تكن الضيعة من أملاكي فقد وهبته إياها على أن أقوم من المكان الذي خصني به أمير المؤمنين وأجلسني فيه أو ان أفرط بجاهي ومكانتي في ضيعة فأعجب الحاضرون من كبار رجال الدولة بهمته العالية
وليعلم أن الملك ينبغي أن يتولى القضاء بنفسه وأن يسمع حجج الخصوم بأذنيه
صفحه ۷۹