سياست نامه
سياست نامه أو سير الملوك
پژوهشگر
يوسف حسين بكار
ناشر
دار الثقافة - قطر
شماره نسخه
الثانية، 1407
ژانرها
وتصادف أن الصاحب بن عباد كان جالسا إلى فخر الدولة حين وصولهم فسألهم فخر الدولة من أنتم ولم تذهبون إلى هذا المطل يوميا قالوا للتنزه قال إن التنزه يكون في يوم أو يومين او عشرة لكنكم تترددون على هذا المكان يوميا منذ مدة طويلة أصدقوني القول قالوا ليس بخاف على الملك ولا على أحد إننا لسنا لصوصا ولا مجرمين ولا نخدع نساء الناس ونغويهن أو نختطف أطفالهم من على الطرقات ان أحدا لم يأت الملك قط في يوم من الأيام يشكونا إليه عن أذى وباطل ان يؤمنا الملك على أرواحنا وأنفسنا نخبره من نحن قال فخر الدولة لقد أمنتكم على أرواحكم وأنفسكم وأموالكم وأقسم على ذلك لأنه كان يعرف أكثرهم
لما حصلوا منه على الأمان وأمنوا على أرواحهم قالوا نحن قوم من الكتاب والمتصرفين الذين ظلوا عاطلين في عهدك ومحرومين من أي نصيب في دولتك ان أحدا لم يولنا أي منصب أو عمل أو حتى يلتفت ألينا ونسمع الان بظهور ملك بخراسان يقال له محمود يجتذب إليه ذوي الفضل والموهبة وأهل العلم ولا يتركهم يهيمون على وجوههم
إننا نتطلع بامالنا إليه بعد أن فقدنا الأمل في هذه المملكة واننا نصير إلى المطل يوميا لنشكو إلى بعضنا بعضا الدهر ونسال كل من يصل إلينا من جانب محمود عن أخباره ونكتب رسائل إلى أصدقائنا بخراسان نطلعهم على أحوالنا ونستفسر منهم تمهيدا للتوجه إلى هناك فلقد أضحينا فقراء ونحن قوم ذوو عيال إن الضرورة لترغمنا على ترك أوطاننا ومسقط رأسنا وبيوتنا واختبار الغربة سعيا وراء العمل هذه هي حالنا والأمر الان أمر مولانا
لما سمع فخر الدولة منهم هذا التفت إلى الصاحب بن عباد وقال ماذا ترى وما الذي ينبغي فعله قال الصاحب لقد أعطاهم الملك الأمان وهم أهل قلم وأبناء أناس أصلاء وإنني أعرف بعضهم ولأن أمر أهل القلم منوط بي فليعهد إلي بهم لأتخذ ما يلزم نحوهم وسأتلو على مسامع مولاي الكريمة أخبارهم غدا فأمر فخر الدولة الحاجب الذي اتى بهم بأن يأخذهم إلى قصر الصاحب بن عباد وينزلهم هناك ومضى الحاجب بهم إلى حيث أمره مولاه ووضعهم في قصر الصاحب وعاد لكن أولئك الرجال كانوا في حيرة واضطراب خوفا مما سينزله الصاحب بهم من عقوبة ولما عاد الصاحب من قصر فخر الدولة إلى قصره هو ألقى عليهم نظرة ثم جاءهم أحد الفراشين ومضى بهم جميعا إلى حجرة كأنها الجنة في زينتها وفراشها الفاخر ومساندها المصفوفة وقال
صفحه ۲۱۲