وبعد ذلك التفت نحوه وقال إذهب وقل للخليفة أنا ابن صفار تعلمت الصفارة عن أبي كان طعامي خبز الشعير والسمك والبصل والكراث أما الملك والكنوز والثروة فنلتها بجدي وجهدي وشجاعتي لا إرثا عن أبي ولا هبة منك إنه لن يقر لي قرار ما لم أبعث برأسك إلى المهدية وأقض على آلك فإما أن أنفذ ما قلت وإما أن أبقى على ما أنا فيه من أكل خبز الشعير والسمك والبصل لقد فتحت الكنوز واستدعيت الجيوش وهأنذا قادم في أثر هذا الرسول وهذه الرسالة وبعث برسول الخليفة وعلى الرغم من كثرة ما أرسل الخليفة من رسائل إلى يعقوب فإنه لم ينثن عن عزمه أو يتراجع عن مطلبه إنما جمع الجيوش واتجه بها من خوزستان إلى بغداد ولم يكد يقطع من الطريق سوى مراحل ثلاث حتى أصابه مغص أوصله إلى حال أيقن معها أن لا خلاص له فيها من الألم فعهد بولاية العهد إلى أخيه عمرو بن الليث وسلمه ثبت الكنوز ثم أسلم الروح
وعاد عمرو من هناك متجها صوب مناطق العراق الجبلية ومكث فيها مدة ثم مضى منها إلى خراسان وملكها جميعا باقيا على طاعة الخليفة كان الجيش والرعية يحبون عمرا أكثر من يعقوب لأنه كان عالي الهمة معطاء وسياسيا يقظا وقد بلغت مروءته وسخاوته حدا أن مؤن مطبخه كانت تحتاج إلى أربعمائة بعير لحملها وقس على هذا أما الخليفة فكان يخشى أن ينهج عمرو نهج أخيه ويفعل ما فعل ومع أن عمرا لم يكن يدور بخلده شيء من هذا القبيل إلا أن الموضوع كان يشغل تفكير الخليفة الدائم فكان يرسل إلى إسماعيل بن أحمد ببخارى في استمرار أن أخرج واحمل بجيشك على عمرو بن الليث وخلص الملك منه إنك أحق بإمارة خراسان والعراق اللذين كانا ملك آبائك سنوات عديدة بعد أن استولوا عليهما عنوة وإنك صاحب الحق أولا وخصالك حميدة ثانيا وأنا أدعو لك ثالثا ولست أشك لهذه الأسباب الثلاثة في أن الله تعالى سينصرك عليه لا تنظر إلى قلة عددك وجيشك بل أنظر إلى قوله عز وجل {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين}
وأثر كلام الخليفة في نفس إسماعيل بن أحمد فعقد العزم على الانتفاض على
صفحه ۵۴