سير السلف الصالحين
سير السلف الصالحين
پژوهشگر
د. كرم بن حلمي بن فرحات بن أحمد
ناشر
دار الراية للنشر والتوزيع
محل انتشار
الرياض
وَعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَابِطٍ، قَالَ: " لَمَّا حَضَرَ أَبَا بَكْرٍ الْمَوْتُ ذَكَرَ أَنْ يَسْتَخْلِفَ عُمَرَ عَلَى النَّاسِ فَأَتَاهُ نَاسٌ، فَقَالُوا: يَا أَبَا بَكْرٍ مَا تَقُولُ لِرَبِّكَ غَدًا إِذَا لَقِيتُهُ وَقَدِ اسْتَخْلَفْتَ عَلَيْنَا عُمَرَ وَقَدْ عَرَفْتَ شِدَّتَهُ وَفَظَاظَتَهُ، فَقَالَ: أَبِاللَّهِ تُخَوِّفُونِي؟ أَقُولُ: يَا رَبِّ اسْتَخْلَفْتُ عَلَيْهِمْ خَيْرَ أَهْلِكَ، ثُمَّ دَعَا عُمَرَ ﵁، فَقَالَ: اتَّقِ اللَّهَ يَا عُمَرُ إِذَا وُلِّيتَ عَلَى النَّاسِ غَدًا، وَاعْلَمْ أَنَّ لِلَّهِ ﷿ عَمَلًا بِالنَّهَارِ لَا يَقْبَلُهُ بِاللَّيْلِ، وَعَمَلًا بِاللَّيْلِ لَا يَقْبَلُهُ بِالنَّهَارِ، وَأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ نَافِلَةً حَتَّى تُؤَدَّى الْفَرِيضَةُ، وَإِنَّمَا ثَقُلَتْ مَوَازِينُ مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْحَقَّ فِي الدُّنْيَا، وَثِقَلِهِ عَلَيْهِمْ.
وَحُقَّ لِمِيزَانٍ أَنْ يُوضَعَ فِيهِ الْحَقُّ غَدًا أَنْ يَكُونَ ثَقِيلًا، وَإِنَّمَا خَفَّتْ مَوَازِينُ مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِاتِّبَاعِهِمُ الْبَاطِلَ فِي الدُّنْيَا وَخِفَّتِهِ عَلَيْهِمْ وَحُقَّ لِمِيزَانٍ أَنْ يُوضَعَ فِيهِ الْبَاطِلُ غَدًا، أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا، وَأَنَّ اللَّهَ ﷿ ذَكَرَ أَهْلَ الْجَنَّةِ، فَذَكَرَهُمْ بِأَحْسَنِ أَعْمَالِهِمْ، وَتَجَاوَزَ عَنْ سَيِّئِهِمْ، فَإِذَا ذَكَرْتُهُمْ قُلْتُ: إِنِّي أَخَافُ أَلَّا أَلْحَقَ بِهِمْ، وَأَنَّ اللَّهَ ﷿ ذَكَرَ أَهْلَ النَّارِ فَذَكَرَهُمْ بِأَسْوَءِ أَعْمَالِهِمْ، وَرَدَّ أَعْمَالَهُمْ جَهَنَّمَ، فَإِذَا ذَكَرْتُهُمْ قُلْتُ: إِنِّي أَرْجُو أَلَّا أَكُونَ مَعَ هَؤُلَاءِ، لِيَكُنِ الْعَبْدُ رَاغِبًا رَاهِبًا لَا يَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ وَلَا يَقْنَطُ مِنْ
1 / 25