فَصْلٌ فِي زُهْدِهِ ﵁
رُوِيَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ، ﵁، اسْتَسْقَى فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ فِيهِ مَاءٌ وَعَسَلٌ، فَلَمَّا أُدْنِيَ مِنْ فِيهِ بَكَى، وَأَبْكَى مَنْ حَوْلَهُ، فَسَكَتَ وَمَا سَكَتُوا، ثُمَّ عَادَ فَبَكَى، حَتَّى ظَنُّوا أَنْ لَا يَقْدِرُوا عَلَى مَسْأَلَتِهِ، ثُمَّ مَسَحَ وَجْهَهُ فَأَفَاقَ، فَقَالُوا: مَا أَهَاجَكَ عَلَى هَذَا الْبُكَاءِ؟ قَالَ: كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ ﷺ، وَهُوَ يَدْفَعُ عَنْهُ شَيْئًا: «إِلَيْكِ عَنِّي، إِلَيْكِ عَنِّي»، وَلَمْ أَرَ مَعَهُ أَحَدًا، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَرَاكَ تَدْفَعُ عَنْكَ شَيْئًا وَلَمْ أَرَ مَعَكَ أَحَدًا!، قَالَ: " هَذِهِ الدُّنْيَا تَمَثَّلَتْ لِي بِمَا فِيهَا، فَقُلْتُ لَهَا: إِلَيْكِ عَنِّي، فَتَنَحَّتْ "، وَقَالَتْ: أَمَا وَاللَّهِ إِنْ أفَلتَّ مِنِّي لَا يُفْلِتْ مِنِّي مَنْ بَعْدَكَ، فَخَشِيتُ أَنْ تَكُونَ قَدْ لَحِقَتْ بِي، فَذَاكَ الَّذِي أَبْكَانِي.
1 / 17