سیر و ملاحم شعبی عربی
السير والملاحم الشعبية العربية
ژانرها
فيا فوز ذاك العصر من كان مسلما
فإن مليكا يملك الأرض كلها
يكن حميريا تبعيا ومسلما
بدعوة نوح داعيا كل أسود
لأولاد سادة تابعين وخدما
وفي شعر الحكيم يثرب يتضح جليا بينة الدعوة للسادة العرب، على مستعبديهم الأفريقيين، أو الساميين للحاميين أبناء اللعنة.
بل إن راوي السيرة، لا يغفل أبدا عن الدعوة والتبشير بالنوحية، وكأنه دين جديد متكامل البنية يجري نشره في أفريقيا الوسطى - خاصة الحبشة.
بل إن هذا الصراع والنزاع بين الحاميين والساميين انتقل إلى مصر بعد أن كاد يكون قاصرا على الجزيرة العربية، والقارة الآسيوية، ولعل من الأسباب القوية التي نقلت هذا النزاع إلى قارتنا وخاصة إلى وادي النيل، إلى جانب الخلافات الجنسية والدينية؛ العوامل الاقتصادية، وقد أشار إليها مؤلف السيرة وعبر عنها تعبيرا لا يقل طرافه عن أحاديث الأخصائيين من رجال وزارة الأشغال، فقد ذكر في الصحيفة التاسعة عشرة من الجزء الأول، طبعة القاهرة سنة 1310ه، ما نصه:
واعلم يا ملك الزمان أن هؤلاء الحبشة والسودان لا بد أن تنفذ فيهم دعوة نوح عليه السلام؛ لأنه مجاب الدعوة بين الأنام، ولا شك في ذلك وأنهم يخافون على مجرى النيل من نزوله إلى الأرض الوطيئة خوفا أن ينزل إلى مصر فهم جاعلونه على قدر أرضهم، وإذا فاض يجعلون له تصاريف ينصرف فيها إلى الربع الخراب، وأنهم لا يعملون عملا إلا بإذن الحكماء، وهذا هو الصحيح، والأمر الرجيح، وما زال الوزير يثرب يتحدث مع الملك في مجرى النيل ووادي الأمصار وفي شأن الحبش.
ويتفق المقريزي مع مؤرخي الحبشة على أن خصومات قوية قامت بين سيف أرعد وبين المسلمين، وأن هذه الخصومات كانت سيئة جدا حتى إن مصر اضطرت إلى التدخل لوقف هذا العدوان، وكان تدخل مصر هذا إلى جانب الأسباب الأخرى؛ من العوامل التي جعلت الأمتين في سلام حينا وعداء حينا آخر، كما أن شخصية سيف أرعد أصبحت بغيضة إلى مسلمي مصر وموضعا للقصص والسخرية، وكتابة هذه السيرة التي يرجح أن التراكم الملحمي لحقها بشكل أفسد الكثير من أصولها التاريخية والتراثية.
صفحه نامشخص