فسلموا وكاسع أبي الربيع سليمان بن هارون فلما ملأ اعينهم وافئدتهم علما وادبا وحياء وابى من اخذ المال تورعا سالوا عن اسمه لاشتهاره بالكنية فقيل ميمون قالوا ميمون أي طابق اللفظ المعنى وناسب.
وكان ميمون الناصية على نفوسة مدة ولايته وانه رجع يوما من جادو فسمع بجيش عظيم للمسودة على الطريق واراد السير معه لانه محجة الاوائل وطريق الاشياخ ولم يرد أن يخالفها فلما نام اصحابه قصد غار تكيت فبات فيه يعبد ربه ويرغب اليه فلما اصبح اتاه خبر انصرافهم فسار مع طريق الماضين.
ومن عادتهم انهم لايخالفوا طريق السلف ولو في المشى فلاقا يوما أبا سليمان التندنميرتى فنزل عن فرسه اجلالا له فقال ابنه من هذا يا ابتى قال أو ما تعرفه هذا الذي انزل الحمل عن ظهره فحملته وما زال حتى طرحه عن ظهره فلاموه فقال عسى من الله توبة نصوح قبل موتى ولو بسنة أو بشهر أو بجمعه أو بيوم ولو بساعة ولو عند الغرغرة.
وضعف حين كان في الامور حتى لم يطق الصلاة واقفا للهرم فلما ترك الامور قوى واشتد وقال كانما حط عنى حمل وحبس جانيا في بيته مغلولا فقام أبو عمر بليل فتوضأ للصلاة ففك الجانى وثاقه واخذ سكينا فضرب أبا عمر وجرحه فقام اليه ونزع من يده السكين وشد وثاقه ولم ينتصف لنفسه وكان الحاكم اذ ذاك غيره فلما اصبح حمله المشايخ إلى الحاكم قال الحاكم كدت أن تعمى الاسلام ياعدو الله.
وروى انه اذا اراد أن يحكم اخذ يرتعد كالسعفه واذا قال الخصم اعطنى حقى جعل يبكى خوفا
صفحه ۲۷۴