قوي اذ ضعفت أصحابه وجبنت، وبرز حين استكانوا، ونهض حين وهنوا، وقام بالامر حين فشلوا، ومضى بقوة الله حين وقفوا.
كان اطول الناس صمتا، وابلغهم قولا، واشجعهم قلبا، واشدهم يقينا، واحسنهم عملا، فحمل ثقل ما عنه ضعفوا، وحفظ ما اضاعوا، وراعي ما اهملوا، وعلا اذ سفلوا، وصبرا اذ جزعوا، ما اشبهه بالجبل الذي لا تحركه العواصف، ولا تزلزله القواصف، صدق فيه عليه السلام: ضعيف في نفسك، قوي في امر دينك، متواضع في نفسك عظيم عند الله، محبوب إلى أهل السموات والارض، فجزاه الله عن الإسلام خيرا.
(خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه)
عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن قرط بن رباح بن عبد الله بن رزاح بن عدي بن كعب. اسلم قبل الهجرة باربعة اعوام، وكنيته أبو حفص، ولقبه الفاروق؛ لانه فرق بين الحق والباطل.
وسبب أسلامه: انه توشح سيفه، وخرج يريد قتل النبي واصحابه، فلقيه النمام نعيم بن عبد الله العدوي وكان مسلما، فصرفه إلى اخته فاطمة وزوجها؛ ابن عمه سعيد بن زيد وهما مسلمان، فقال فامره أن يقيم امرهما.
وكان خباب بن الارث يختلف اليهما ليعلمهما، فلما دنا عمر سمع القراءة، فلما احسوا به، توارى خباب، وجعلت فاطمة لوحا يعلمهما فيه خباب تحت فخذها، فسالهما عما سمع، فانكرا، فآل أمرهم إلى أن بطش بهما وشج اخته، فرق لها وندم لما راى الدم، وقال (لأخته): اعطني الصحيفة؛ وكان
صفحه ۲۰